تغيرت الإدارة الأميركية، وجاءت إدارة جديدة، ستكون أكثر تفصيلا في مناقشة الأردن في بعض الملفات الداخلية التي على صلة بالجانب السياسي، وحقوق الانسان، والديمقراطية.
الانطباع الذي قيل مرارا حول ان الأردن ارتاح اكثر بعد تغيير الإدارة الأميركية، صحيح، لكنه صحيح جزئيا، ويرتبط فقط بالملفات الإقليمية، مثل القضية الفلسطينية، لكن عمان ربما كانت مرتاحة اكثر مع الإدارة السابقة، التي كانت لا تشكل ضغطا على المملكة بقضايا الحريات، والملفات السياسية الداخلية، المرتبطة بالقوانين والإصلاح السياسي، والانتخابات، والنقابات، ولا تضغط على حلفائها من اجل هذه القضايا، المثيرة لأعصاب الشرق اوسطيين.
هذا يعني ان تغيير الإدارة يعني استرخاء اكثر في ملفات الإقليم، ويعني إعادة التركيز على ملفات الداخل الأردني، خصوصا، ان الإدارة الديمقراطية ستزيد تركيزها وحثها بشأن ذلك.
لو قرأنا نشاط السفير الأميركي في عمان، الذي قيل حوله الكثير، لوجدناه يتحرك في سياقات تقترب من العنوان السابق، أي مناقشة قضايا داخلية، ترتبط بالحريات، وبقية القضايا، وليس ادل على ذلك مما يتسرب من معلومات حول رأيه في بعض القوانين، وضرورة تطويرها، حيث التقى وزير العدل، ورئيس مجلس النواب، والمؤكد ان سلسلة تحركاته هذه تعبر في الأساس، عن توجه الإدارة الأميركية الجديدة بشأن ملفات الإصلاح السياسي والديمقراطية وحقوق الانسان، وما يعنيه ذلك من تعديلات واسعة وكبيرة على قضايا مختلفة، ليس في الأردن فقط، وإنما في أغلب الدول التي تعتبر حليفة لواشنطن.
هذا يعني أننا ربما سنكون امام جملة تحولات، تكيفاً مع الوضع المستجد، او سعيا للتجاوب مع طلبات محددة، وفق أطر ومعايير معينة.
السفير الحالي الذي جوبه بحملة تحليلات سياسية، قبل ان يصل الى الأردن، ونسب له كثيرون تصريحات إيجابية حول الأردن، وكلاما آخر حول قضية تسليم الأسيرة الأردنية السابقة أحلام التميمي، وصولا الى استعماله لمصطلح “الأردن الجديد” امام هيئة الاعتماد في الكونغرس التي يقف امامها أي سفير جديد معين، وبالتأكيد فإن السفارة الأميركية في عمان، رصدت كل ردود الفعل بحق السفير، الذي جاء الى موقعه بعد ان بقيت السفارة بلا سفير لثلاث سنوات ونصف السنة، بعد ان كانت أليس ويلز سفيرة لواشنطن في الأردن، وجوبهت هي بمشاكل سياسية، كونها كانت تحاول ان تسعى لمنع مسؤولين أردنيين من الصف الثاني، من التواصل مباشرة مع وزراء الخارجية الأميركية، وتريد ان تبقى هي نافذة التواصل الوحيدة، وهذا لم يحدث.
ما يمكن قوله اليوم ان السفير الأميركي في عمان، سوف يتحرك على أساس اجندة تعكس اجندة ادارته التي ستركز على ملف حقوق الانسان في الدول العربية، والإصلاح السياسي، وملف الإرهاب، في كل دولة على حدة، بما يعني انه لا يستغرب ان تحدث تغيرات جذرية في كثير من الدول على صعيد المواقع الأساسية، والسياسات الداخلية، للتطابق مع هذه التوجهات، ثم تأتي القضية الفلسطينية، كملف إقليمي.
برغم العلاقة الممتازة، مع الرئيس الأميركي، ومستويات عليا في الإدارة الأميركية، الا ان لا احد في عمان، سيتجنب التكيف المسبق، مع توجهات الإدارة الجديدة، وهذا يعني اننا خلال العام 2021 سنشهد تغيرات جذرية، وربما لن يكون ممكنا التخفيف من حدة التغيرات على مستوى السياسات، حتى بذريعة مخاطر الإرهاب، وكلفته، وهي ذريعة تم توظيفها مرارا في الشرق الأوسط، من اجل خلط الأوراق، وخفض مستويات حقوق الانسان، خصوصا، ان الإدارة الجديدة لن تدير علاقاتها مع المنطقة على أساس المفاضلة في الأولويات، وقد تجد في ملف الإرهاب أولوية، لا تلغي ابدا أولوية الإصلاح السياسي بكل ما يعنيه.
لا يمكن ابدا، ان تدخل عمان المرحلة المقبلة، بذات الشخوص والسياسات، هذه هي الخلاصة، التي لا بد ان تقال، وهي خلاصة قد يتم التدرج في تنفيذ تفاصيلها.