برنامج التطعيم.. ضعف في الشفافية وسير كالسلحفاة

استحوذ المنخفض الجوي وتساقط الثلوج على اهتمام الناس، ولم يعطِ المجتمع آذاناً صاغية للإصابات والوفيات بفيروس كورونا، ولا أدري إن كانت الحكومة قد راقبت وضع الناس للكمامة، ودققت في التباعد الجسدي خلال تجمعهم للعب بالثلوج.
المهم كان المنحنى الوبائي في الأسبوع الماضي مقلقا، فالإصابات تتزايد بشكل مطرد، ونسب الفحوص الإيجابية في ارتفاع، والكلام عن سلالة متحورة لا يبعث على الاطمئنان.
الحكومة أرجأت اتخاذ قرارات متشددة بتقليص ساعات الحظر، ومراجعة إعادة حظر يوم الجمعة لمزيد من الدراسة، وحتى تتثبت من أن الارتفاع ليس أمرا عابرا، بل مقدمة لموجة جديدة من الوباء.
بعيدا عن اتهامات الحكومة المعتادة للناس بأنهم وراء تزايد الإصابات، لم نشهد في السياق الموازي شفافية وإفصاحاً من المسؤولين عن برنامج التطعيم الوطني في البلاد.
تساؤلات ما تزال حتى الآن دون إجابة وكأنها سر نووي، وعلى رأسها كم عدد اللقاحات التي وصلت للأردن؟
وحين تتصل بالمسؤولين لا يجيبون عليك، وتعود لتسأل لماذا هذا التباطؤ في حملة إعطاء اللقاحات، وإلى متى سنظل نعيد ونزيد أنه لا يوجد إقبال على التسجيل على منصة التطعيم؟
وهل الخطة التي وضعناها قبل أكثر من شهر ما تزال صالحة، أم أنها تحتاج مراجعة وتعديلا واستدارة، خاصة إذا قارنا ما أنجزناه بما فعلته دول قريبة منا على أرض الواقع؟
المعلومات المتوفرة أن عدد الذين سجلوا على منصة التطعيم ما يُقارب 400 ألف شخص، وما أعرفه أن ثلث من يُبلغون بموعد أخذ اللقاح لا يحضرون، بل وسمعت أن بعض من أخذوا الجرعة الأولى تخلفوا عن تلقي الجرعة الثانية.
وزير الصحة د. نذير عبيدات وبحضور مسؤول ملف كورونا د. وائل هياجنة أبلغ الصحفيين في لقاء مغلق قبل بدء الحملة الوطنية للتطعيم أن شركة فايزر ستزود الأردن بـ22 ألف لقاح أسبوعياً، والواضح أن الشركة لم تلتزم بالكميات التي اتفق عليه، ولم ترسل سوى 11 ألف لقاح في البداية، وتوقفت ولم يصل سوى دفعة ثانية منها قبل أيام لم يُفصح عن كميتها.
ذات الأمر لا يُعرف عدد اللقاحات التي تلقيناها من المطعوم الصيني الإماراتي، وكل ما سمعته أن الحكومة أعلنت عن توقع وصول أكثر من مليون جرعة لقاح، وأغلب الظن أنها لم تصل.
اعتمدت إدارة الغذاء والدواء بشكل طارئ لقاح استرازينكا، والمفروض أن الحكومة تعاقدت كذلك على اللقاح الروسي، هذا عدا اللقاحات التي يجب ان تصل ضمن برنامج كوفاكس، وبهذا تتعدد خياراتها؛ مما قد يساعدها في التغلب على نقص اللقاحات للمضي بوتيرة أسرع في حملة التطعيم، فالمؤكد أن ما أنجزناه غير مُرضٍ، وعلى الحكومة أن تدرك أن التطعيم مسار أساس للحد من انتشار الفيروس لا يجوز التقاعس به، أو تعليق الفشل على ذرائع مهما كانت.
على الحكومة أن تنظر بتمعن كيف استطاعت إسرائيل أن تعطي اللقاح لملايين الأشخاص، ونحن تقريباً تلقاه 40 ألفا حتى الآن، ونرى أيضاً ما فعلته الإمارات وقطر ودول أخرى، ونحن في حالة صمت! إذا كانت خطتنا بها خلل تبين بالتجربة، فعليكم أن تصارحوا الناس، وتضعوا سيناريوهات بديلة.
نمضي للأسف بحملة التطعيم كالسلحفاة، ونسير دون شفافية في الأولويات او ضعف واضح بها، وتُصعق وتُصدم حين تتلقى اتصالات من ذوي أشخاص في السبعين من أعمارهم يغسلون الكلى كل أسبوع، ولم يتصل بهم أحد لأخذ اللقاح، في حين اعرف أشخاصا في مقتبل العمر وليس لديهم أمراض مزمنة نشروا على صفحاتهم بوسائل التواصل الاجتماعي أنهم تلقوا اللقاح في جرعته الثانية.
الخلاصة، وما يجب أن تُسأل عنه الحكومة والمسؤولون ببرنامج التطعيم متى تتوقعون أن ننجح بتطعيم 20 % من السكان كما أعلنتم سابقا؟
وفق معدلات إعطاء اللقاحات خلال الشهر الماضي نحتاج سنوات للوفاء بهذه التعهدات على الأقل، ولن أتحدث عن تطعيم جميع السكان فهذا حلم مستحيل.
وعلى ضوء ذلك سيبقى الأردن رهين فيروس كورونا ومخاطره، وسنظل نعتمد على الوقاية رغم خطورتها وصعوبتها وكلفتها الاقتصادية، أو الوصول لمناعة القطيع.
الحل أن تُجند الحكومة طاقاتها ومواردها للحشد لبرنامج إعطاء اللقاحات، فهو ليس أقل أهمية من أي برنامج وطني مصيري، فأن ننجو من كورونا يعني ان يستعيد المجتمع والاقتصاد عافيته.

أخبار أخرى