بقلم :يوسف الدغيدي
إن الأفراد يَصلُون إلى مراكزهم في المجتمع بجهودهم الخاصة ، ويلزم أن تكون هذه الجهودُ فَعِّالةً إذا كان للمجتمع الذي يُبْنَى عليها أن يغدو شرعياً .
الفرد انطولوجياً يسبق الجماعة طبقاً لهذه الرؤية ، ومن ثَم فإن خصائص المجتمع هي ببساطة نتاج خصائص الأفراد ، وتصبح خَصَائصُ الإنسان الفرد في النظرية الاجتماعية الحديثة هي المُحَدِّدَ للعلاقات الاجتماعية ، سواء أكانت هي حربَ الجميع ضد الجميع والتي تُستنبط من خصائص توهُّم العظمة التي تَتَمَّلكُ الفرد في عالم محدود الموارد ، أو كانت بعض آراء أخرين بشأن الأهمية القصوى للقادة البارزين من أمثال بسمارك بالنسبة إلى المؤسسات الاجتماعية البشرية .
إذا كان السُّودُ كمجموعة لا يزالون يحتلون مكانةً اجتماعيةً واقتصاديةً أدنى من البيض ، فيجب أن نتفحص خصائصَ السود كأفراد نبحث عن تفسير لهذا التفاوت وإذا ما كانت النساء يفتقرن إلى السلطة ، فَهُنَّ إذاً الجنسُ الأضعف ، فلا بد أن تصبح دراسة المجتمع هي دراسة الأفراد . فلكي نفهم أصل البنية الاجتماعية وبقاءها ، علينا طبقاً لهذه النظرة أن نفهم التاريخ التطوري للأفراد ، يصبح الاقتصادُ السياسي إذاً بيولوجيا تطبيقيةً . يصبح علم الاقتصاد هو دراسةَ سيكولوجيا المُسْتَهلِكِ ، وحوافز العمال وسلوك المستثمر يُصبح دراسةً لعائد الفرد في مباريات لشخصين لا غالب فيها ولا مغلوب.
أذ اضحى العديد من العلماء في القرن التاسع عشر والعشرون أن اساس تغير تفكير الأنسان هو عائد لتطور الخلايا الوراثية المتتابعة من جيل إلى جيل وهذا يفسر التطور الحديث الذي وصل إليه العالم اليوم ولكن التفاوت العجيب بين الافراد هو سر البيولوجية الحديثة الذي لم يكتشف إلى الان أذ ظهرت صناعة فكرية تَتَقصَّى أسبابَ اللامساواة الاجتماعية بين الطبقات والسلالات والجنسين. ابتُدعت أدبيات عريضة ، وظهرت كرد فعل مجموعة صغيرة من النقاد تفضح زيف الحتمية البيولوجية ، تشبه عمل فريق إطفاء تطوعي فما إن يُطفَأ بتيار بارد من العقل النقدي حريقٌ أضرمه مثيرو الفتنة من المفكرين حتى يندلع حريق بموقع آخر.
يوسف الدغيدي