تكافح الحكومة لدفع المواطنين لتلقي لقاح كورونا، في وقت يُعتقد أن هذا اللقاح لم يحقق النتائج المرجوة، باعتبار أن الحكومة لم تنجح في إحداث فرق في قناعة الناس وتخوفاتهم تجاه المطعوم.
الحكومة بحاجة إلى تكثيف جهودها في هذا الاتجاه عبر ايجاد منظومة إعلامية شاملة تؤثر على رافضي المطعوم، وتدفع بهم تجاه التفكير الايجابي والإقدام على تلقيه.
وبالتزامن مع ضرورة أن يتعاطى المواطن مع خطورة وباء كورونا الذي سيساهم اللقاح في الحد من انتشاره؛ بوعي أكبر ومسؤولية وعدم التمسك بفكرة الرفض من أجل الرفض، يتحتم على الحكومة الوصول إلى المواطنين في كل مكان عبر تعزيز الحملات التوعوية والتثقيفية في الشارع، والمدارس والمراكز التجارية والمؤسسات وغيرها.
ووفق الأرقام، فإن عدد المسجلين على المنصة الحكومية للمطاعيم وصل إلى 365 ألفا، بينما لم يتجاوز عدد متلقي المطاعيم سواء من “فايزر” أو “سينافارم” أكثر من 40 ألفا، لذا من الضروري أن تبحث الحكومة، بجانب حملاتها التوعوية، عن وسائل جديد تساهم بأخذ الناس هذا المطعوم كربط استخراج الأوراق الرسمية، أو إجراءات السفر، بأخذ المطعوم على سبيبل المثال.
وفي الوقت الذي لم تستطع الحملات التوعوية الحكومية أن تقوم بدورها المطلوب وتثقيف الأفراد بأهمية اللقاح ووقايته من فيروس كورونا الخطير، فإن ملاذ الكثيرين كان في اللجوء لمنصات التواصل الاجتماعي لاستقاء المعلومة، والتي تمتلئ بالإشاعات والمعلومات المغلوطة والمضللة حول اللقاح، بالتالي الإحجام أكثر عن فكرة تلقي المطعوم، ما يجعل الحاجة لزيادة الحملات التوعوية مطلبا ملحا من قبل الجهات المسؤولة وأصحاب الاختصاص.
مخاوف الناس بازدياد، والقلق بشأن اللقاح يتضاعف، وآراء من يدعون العلم والمعرفة وليسوا من أهل الاختصاص يجدون بيئة خصبة لهم في الجلسات وبين من لا يثقون أصلا بفاعلية اللقاحات، الأمر الذي إنعكس وبشكل كبير على أعداد المسجلين على المنصة.
غياب حملات توعوية كافية وبرامج تثقيفية صحية بالمستوى المطلوب فيما يتعلق بأهمية اللقاح وضرورة تلقيه، من أهم الأسباب التي أوجدت ضعفا في الإقبال على المطعوم. إلى ذلك، فإن التركيز على الآثار الجانبية والقصص السلبية لأخذ اللقاح بصورة غير مضبوطة أو مدروسة واختلاف التصريحات بملف كورونا جعلت المواطن يشكك أحيانا في أي معلومة.
المطلوب هو الترويج للقاح بشكل علمي ومنظم وبلغة بسيطة وسلسلة قريبة من المواطن لتشجيعه على أخذ اللقاح، باعتباره الحل للتخلص من فيروس كورونا. ولِمَ لا يتم ترويج مقاطع فيديو يتحدث بها من تلقى اللقاح عن تجربته وآثار المطعم عليه، فهذا سيساهم في إقناع الناس والتخلص من حالة الخوف القلق.
استشاري الأمراض الصدرية وخبير الأوبئة الدكتور محمد الطراونة يشير إلى أن فقدان الثقة انتقل ايضا للقاحات، وحديث الشارع الأردني مليء باللغط وانتشار الشائعة، مبينا أن المواطن يجهل الفرق الحقيقي بين الجرعة الأولى والجرعة الثانية، واحتمالية الإصابة بعد شهر من الجرعة الثانية، إذ أن الحملات التثقيفية والتوعية بأهمية اللقاح، لا تفي بالغرض.
ويشير الطراونة إلى ضرورة استدراك الحكومة للصعوبات التي يواجهها المواطنين في التسجيل لأخذ اللقاح والأخطاء التي تحدث ومراعاة ظروف المسجلين، “ففي كثير من الأحيان قد يطرأ ظرف على المواطن يمنعه من أخذ اللقاح، فيفقد حقه بالتسجيل، وبالتالي يكون قد خسر دوره”.
ويجد أن عدد من تلقوا اللقاح حتى الآن لا يمثل شيئا نسبة لعدد السكان، إذ نحتاج إلى تطعيم 60 % من العدد الإجمالي للحصول على المناعة المجتمعية، مشيرا إلى أن استمرار الوضع بهذا الشكل ستكون نتائجه سلبية.
ويلفت الطراونة إلى أن التراخي في الإجراءات الإحترازية من قبل بعض الفئات المجتمعية، يستدعي من الحكومة العودة إلى الإجراءات التشديدية وضبط الإيقاع مرة أخرى، فكورونا لم تنتهي، وربما “نعود إلى المربع الأول مع بداية آذار والعودة إلى الإغلاق”.
ويدعو الطراونة لضرورة الى أن تعي الحكومة ما يدور في الشارع الأردني، والأسئلة التي تشغل بال المواطن حول الفيروس واللقاحات، مستهجنا التصريحات المتضاربة والمتسارعة والتسابق من قبل المسؤولين في الظهور على سائل الإعلام.
ويشدد على تفعيل الدور الرقابي للجنة الصحية في مجلس النواب على الأداء الحكومي في التعامل مع جائحة كورونا وتوجيه الحكومة والأخذ بالأراء المختصة والخبرات المحلية والإقليمية.
المختص بعلم الاجتماع الدكتور محمد جريبيع يشير بدوره إلى أن أهم الثغرات التي رافقت جهود وزارة الصحة فيما يتعلق بمواجهة وباء حكومة هو غياب الخطاب الإعلامي الصحي الموحد، والحملات التثقيفية والتوعوية الموحدة والمفهومة، وبدا واضحا التناقض في كثير من التصريحات التي تخرج عن مسؤولين.
غياب الخطاب الحكومي الموحد بحسب جريبيع، والمعلومة الصحيحة وحملات التوعية المتناسقة والإيجابية التي تساهم في رفع مستوى وعي الناس اتجاه اللقاحات، ساهم الى حد كبير في احجام الناس بالحصول على اللقاح.
ووفق جريبيع، فإن الحل الأمثل أن يكون هنالك تصريحات موحدة، وتنسيق بين الجهات المسؤولة لتقديم معلومة علمية دقيقة، لكي لا تجد الإشاعات مكانا لها في عقول الناس، وبالتالي تزايد الخوف والقلق وعدم الثقة بالإجراءات فيما يتعلق بمواجهة جائحة كورونا.