بقلم : كاظم الكفيري
أعني بالمجتمع السياسي الأردني كل فرد او جماعة او حزب أو نقابة او هيئة يـ/تنخرط في الشان العام ويشارك من ثم في أي فعل سياسي أو حراك سياسي، ليس للتأثير الوازن أي اعتبار في هذا التعريف، للتأثير في مسار الفعل السياسي الوطني عوامل تسهم بتنشيط حالة المجتمع السياسي أو تعمل على تراجعه. المجتمع السياسي يتشكل من قدرة الأفراد والجماعات على التعبير عن آرائهم في مجتمع يحترم التعددية ومنظومة تشريعية ناظمة للعمل السياسي.
لقد تشكل المجتمع السياسي الأردني منذ عقود طويلة تعود إلى أكثر من مائة عام، اسهم الأردنيون عبر تاريخهم الطويل في مسار التحولات التي أعقبت إنهيار الإمبراطورية العثمانية، وهيمنة الإستعمار على البلدان العربية، لا تزال الثورة العربية الكبرى العنوان الأبرز في التاريخ الأردني، وبعدها مشاركة الأردنيون ثورة العشرين في العراق في مواجهة الإستعمار البريطاني، ثم في الدفاع عن فلسطين، ثم في مهمات النهوض الوطني، كل تلك المعالم أسهمت في تحشيد طاقة التعبير السياسي لدى الأردنيين ورفعت من درجة وعيهم وحساسيتهم الوطنية والقومية تجاه القضايا العربية والمحلية.
غالباً النقاشات والحوارات حول المجتمع السياسي يسودها مناخ من السلبية والتشاؤم، نعم تراجع العمل السياسي، لكن هذا لا يشير الى حالة عقم سياسي، علينا أن نحدد الخلل من دون أن نعترف أن حالة العمل السياسي في الأردن كانت تاريخياً متقدمة عن غيرها في البلدان العربية. إن تأثير الأشخاص وهيمنة الكاريزما على العمل السياسي اضعفت المجتمع السياسي، الانتقال في مواقع العمل السياسي أضعف ثقة الناس، اضف إلى ذلك أن الموقع الرسمي إستهلك معظم قادة العمل السياسي.
لا يمكن حصر الفعل السياسي في إدانة الفساد أو تردي الإدارة العامة في وطننا، يبقى هذا شعار ينقصه برامج إصلاح حقيقية، في الأحزاب وتحت قبة البرلمان وفي هيئات المجتمع المدني. التراكم في الانتقاد وتحميل المسؤولية وبريق الخطابات لا يصنع مجتمعاً سياسياً، بل يصنع على المدى البعيد مجتمع متذمر وناقم وتفتك به الكراهية، لعلي أستعيد ماكتبه سعد جمعة في مرحلة سابقة ( كل رئيس يكره كل رئيس.كل قائد يكره كل قائد، كل حزب يكره كل حزب، كل منظمة تكره كل منظمة، كل فرد يكره كل فرد، وتنسحب الكراهية على كل شيء، وتغطي كل شيء) ولعل الرئيس جمعه كان يتحدث عن نكسة 67 وأسبابها واتفق معه بما ذهب اليه حيث تحدث ايضا عن المجتمع العربي فقال (ويزيد الصراع فيزيد الفراغ، وتتفتت عرى المجتمع، بأفراده وأنظمته، فلا مكان لمودة وتراحم، ولا سبيل لتجمع وتلاحم.. وسهل من ثم الانقضاض على الفريسة لا تجد ما يحميها من المحن ويدفع عنها غائلة البلاء..مجتمع عفن مهتوك، قد امتطى غارب الأحداث فيه السفهاء والجهلة وغثاث المعرفة والسلوك، يلوكون شعارات مجلوبة، ويجترون عقائد منخوبة، يتراشقون تهماً ويتقاذفون شتائم.والحق غريب في وطنه، والشريف يتيم على موائد اللئام .. والقضية المقدسة في أيد نجسة في زمن قذر.. حتى ليكاد يشعر كل امريء أن كل شيء موقت، كل شيء إلى ضياع، كل شيء إلى فساد و انهيار!.)
من ينخرط في العمل العام عليه أن يكون صادقاً منسجماً مع نفسه وشخصيته، ومن يسعى لتمثيل الناس في الانتخابات أو الأحزاب او النقابات عليه أن يحتكم لصندوق الإقتراع الذي قبل أن يكون هو مرجع إرادة الناخب وان يقبل بنتيجته كذلك ، الخلط بين البرنامج السياسي والخدمي والاعتبارات الاجتماعية فيه ظلم للعمل السياسي، واعتقد أن المجتمع السياسي في الاردن يجب ان يلتزم القواعد والسلوكات الديمقراطية وايجاد البيئة التشريعية للمشاركة العامة واعطاء فرص للشباب للمشاركة السياسية وصنع القرار.