العراق .. خصوصية اقتصادية للأردن

 

بعيدا عن الجوانب الأمنية والسياسية، فإن السوق العراقية لها أهمية إستراتيجية للأردن وخصوصية للاقتصاد الوطني لا يمكن ان يعوضه أي سوق آخر.
هناك علاقات اقتصادية تاريخية تراكمت على مدى عقود بين الأردن والعراق كان لها الفضل في تجاوز إي منعطفات سياسية وإعادة النصاب إلى ما كانت عليه، متجاوزة بذلك إي عقبات، لذلك كان انسياب السلع بين البلدين مستمرا دون انقطاع في كافة الظروف.
أهمية السوق العراقية للأردن ان جزءا كبيرا من الصناعات الوطنية صمم خصيصا لهذا السوق منذ عقود طويلة، ومدينة سحاب الصناعية كان الفضل لتأسيسها هو نمو الصادرات الصناعية للعراق، وتطور المشهد بشكل عام في العلاقات الاقتصادية لدرجة ان السلع الأردنية باتت السلعة الأكثر استهلاكا هناك ضمن معادلات تبادلية عرفت في السابق بما يعرف بالبروتوكول التجاري بين البلدين والذي تجاوز حجمه الإجمالي في بعض الفترات الملياري دولار قبل العام 2003.
استمر النمو بعد ذلك بشكل متفاوت وكانت الذروة في العام 2014 للصادرات الوطنية التي تخطت المليار دولار، إلا أنها عاودت للانخفاض بعد ذلك إلى حدود النصف تقريبا لأسباب مختلفة.
اليوم شكل العلاقة الاقتصادية بين الأردن والعراق يتغير باتجاه أوسع وأكبر، فهناك أشكال تعددية تنمو بازدياد وفي إطار تكاملي، يوظف حالة التقارب السياسية بين البلدين لينعكس على العلاقات الاقتصادية بينهما.
زيارة رئيس الوزراء إلى بغداد نهاية الأسبوع الماضي تأكيد على توسيع قاعدة آفاق التعاون الثنائي والخروج من التعامل التقليدي المنحصر في إطار انسياب السلع التي تم التأكيد على ضرورة إزالة أي عقبات تقف في طريقها خاصة في ما يتعلق بالرسوم الجمركية والنقل، مع الاستمرار في منح الأردن قائمة الاستثناءات التي تضمن 340 سلعة أردنية لا تخضع للرسوم الجمركية العراقية، وحصول بعض السلع في البلدين على اعفاءات من نظام التسجيل، وهذا ما قد يعطي أفضلية كبيرة للصناعات الدوائية الأردنية التي هي بالأساس تحظى بمكانة مرموقة هناك.
اليوم نتحدث عن تفاهمات اقتصادية عميقة بين الجانبين تتجه نحو الاسراع في إنجاز أحد المواقع الاقتصادية التنموية المشتركة وهي المدينة الصناعية على حدود البلدين والتي من شأنها أن تساهم في زيادة صادرات الجانب العراقي للعالم من خلال الاستفادة من حصول صناعاته على شهادة منشأ أردني، وبالتالي اختراق كُل الأسواق والتجمعات التي لدى المملكة اتفاقيات تجارة حرة معها، بالمقابل سيكون هناك حضور اقوى للسلع الوطنية في السوق العراقية.
مشاريع الربط الكهربائي التي تم التأكيد على سرعة إنجازها وبطول شبكة كهربائية جديدة تبلغ 300 كيلو سيكون لها آثار إيجابية على الناخبين خاصة الناخب العراقي الذي يحتاج اليوم الى تغطية كهربائية مقابل وجود إنتاج كهربائي كبير يفوق حاجة المملكة لا يمكن استغلالها الا من خلال تصديرها.
ولا ننسى أيضا استمرار إمدادات النفط العراقي الخام للأردن بواقع 18 ألف برميل يومياً والتي لها مع التأكيد على تنفيذ المشروع الاستراتيجي لأنبوب النفط العراقي المخطط له من أكثر من سبعة أعوام وما سيكون له من أثر اقتصادي إيجابي على الاقتصاد في كلا البلدين.
طبعا هناك تفاهمات مشتركة أردنية عراقية لتعزيز التعاون في مجالات التكامل الاقتصادي في قطاعات النقل بمختلف مستوياته، والبحث العلمي والصحي وغيره من القطاعات التي ستكون في حال استكمال التعاون فيها أنموذجا بالعلاقات الاقتصادية بين البلدين في المنطقة، كُل ما هو مطلوب هو فقط توظيف التفاهم السياسي الميسر بين الجانبين إلى علاقات اقتصادية يكون القطاع الخاص هو قائدها.

أخبار أخرى