الاستثمار.. الملف الغائب

 

لغاية الآن لم نسمع من الحكومة أي خطة أو استراتيجية وطنية للاستثمار، رغم ان لديها وزيراً للدولة لشؤون الاستثمار الذي يفترض به ان يكون قد أعد شيئا من هذا القبيل وعرضه على الجهات المعنية للمباشرة باعتماده والسير في تنفيذه.
وجود وزير للاستثمار يعطي دلالة إيجابية على حرص الحكومة في إعطاء هذا الملف عناية خاصة، وهو مؤشر واضح على وجود شيء بفكر الحكومة عند تشكيلها، لذلك كانت المفاجأة ان تعطي وزيرا واحدا حقيبتين إحداهما للاستثمار وأخرى للعمل، وهذا توجه إيجابي لأنه يعطي دلالة على ان الملف سيحظى بأولوية خاصة في السياسة الاقتصادية الرسمية في المرحلة الراهنة التي تحتاج إلى عمل استثنائي وتفكير خارج الصندوق للنهوض بالعملية الاستثمارية التي خطت خطوات إيجابية في المراحل السابقة من حيث الهيكل التنظيمي والتشريعي والخبرات التراكمية والتي لا يمكن إنكارها.
لكن من الناحية العملية وما يحدث على أرض الواقع نجد أن الملف الاستثماري ما يزال مغيباً ولم يحدث فيه أي تطور أو اختراق، لا بل انه على الصعيد الرسمي للحكومة ممثلا بالوزير المعني ما يزال مغيبا عن المشهد الاقتصادي في البلاد، وهناك سكون في الحديث عن الاستثمار على المستوى الوزاري، وكأن القصد من وجود وزير للاستثمار قتل هذا الملف وليس إحياؤه كما هو الاعتقاد السائد.
حتى إقرار الحكومة لقانون الاستثمار بتعديلات محدودة جدا تتعلق بالإعفاءات قبل أسابيع قليلة وإحالته لمجلس النواب لم يسمع الرأي العام أي صوت للوزير المعني وزير الاستثمار، رغم أن القانون يشكل صميم عمله وأساسه.
هدوء وزير الدولة لشؤون الاستثمار في هذا الملف تحديدا يتناقض مع طبيعة شخصيته المحبة للظهور الإعلامي والتنقل بين القنوات والمحطات الفضائية والمواقع الإلكترونية والسوشال ميديا بين الحديث عن أمور اقتصادية عامة غالبيتها يكون في موقف الدفاع أو حتى بالحديث عن أمور شخصية بعيدة عن العمل الرسمي.
وجود وزير يحمل حقيبتين للاستثمار والعمل يعني ببساطة ان الوزير مطالب باستراتيجية وطنية تربط عمليات التشغيل والتوظيف بالاستمرار ومنح التسهيلات والإعفاءات بالشكل الذي يحقق قيمة مضافة عالية على الاقتصاد الوطني، فالمستثمر الذي يشغل أردنيين يجب ان يحظى بدعم استثنائي لأن الملف الاستثماري الذي يشكل كابوسا حقيقياً على الاقتصاد الوطني بأبعاده الاقتصادية والاجتماعية هو البطالة، وربط العمل والاستثمار بوزير واحد هو قرار سليم من الناحية الاقتصادية، لأن لديه القدرة التنفيذية على تحقيق ذلك، فهو الأقرب اتصالا مع القطاع الخاص الذي يحتاج إلى الوزارتين بشكل كبير في عمله، وهذا ما ينتظره الجميع من وزير الاستثمار الغائب لغاية يومنا هذا مع كل أسف.
أولوية المرحلة الاستثمارية الراهنة لا تحتاج إلى عبقرية، كل ما هو مطلوب هو تبسيط بيئة الأعمال المحلية، وهذا الأمر لا يحتاج الى دعم مالي، إنما تبسيط الإجراءات وتسهيل المعاملات وتفعيل النافذة الاستثمارية، وان يكون محاور عمل العملية الاستثمارية في المرحلة قصيرة المدى هو الحفاظ على المستثمرين العاملين بالدرجة الأولى من خلال حل مشاكلهم اليومية التي لا تنتهي، ودعم المصدرين الأردنيين، والبدء بالترويج الاستثماري، هذه هي أولويات المرحلة الاستثمارية والتي تحتاج من الوزير أن يضع التصور الشمولي للعملية الاستثمارية أمام مجلس الوزراء والتفاهم معهم على مصلحة البلاد، واستغلال الفرصة الراهنة وتوظيفها لتحقيق نتائج مثالية. هذا هو الدور الحقيقي المطلوب من الوزير الحالي.

أخبار أخرى