المحامية: مرام مغالسه
بموجب قانون العقوبات يمكن للمتضرر من جرم يشكل جنحة اي لا يتجاوز حد الحبس فيه الثلاث سنوات ان يصفح عن المتهم او المحكوم عليه قبل اكتساب الحكم الدرجة القطعية مما يسقط الأحكام الجزائية او يوقف تنفيذها؛ وفي قضايا الجنايات كالقتل أو الإغتصاب يمكن قانونا اسقاط الحق الشخصي قبل صدور الحكم الجزائي مما يقلل من مقدار العقوبة ويسقط منها الثلث تقريبا باعتبار اسقاط الحق الشخصي من الأسباب المخففة التقديرية التي تخضع بالكامل لتقدير القاضي الذي ينظر القضية.
من هو مالك الحق بإسقاط الحق الشخصي؟ هو صاحب الولاية بالدم او الحائز على حجة الوصاية او اقرب الورثة للمجني عليه باعتباره المتضرر الأكبر من الجريمة؛ وهو تسلسل قانوني منطقي لا تعليق عليه ولكن يحدث ان يجمع مالك الحق بإسقاط الحق الشخصي علاقة قرابة بطرفي الجاني والمجني عليه على حد سواء فيقف على مسافة واحدة بينهما مما يحيله لصاحب حق وطالب قصاص ، واقصد هنا الجنايات الاسرية عندما يجمع الجاني والمجني عليه ولي او وصي واحد فكيف يتصور حدوث الصلح بين الطرفين ؛ وغالبا ما ترتكب الجنايات الاسرية داخل المنزل بحق النساء او الأطفال واحيانا كبار السن وذوي الإعاقة ولا يمكن واقعيا تطور أفعال العنف الى جناية دون مرورها بأفعال العنف المزمن او بدون ضرب من ضروب التعذيب لان الجنايات الاسرية ترتكب عادة بمواجهة الحلقات الأضعف أي بحق ناقصي وفاقدي الاهلية او بمواجهة النساء اللواتي يخشين من عدم وجود بدائل للعيش او خوفا من وصمة العار والتي تعتبر سيفا مسلطا على رقاب الاناث ويعجزهن عن الإفلات قبل وقوع الجنايات.
تشهد التطبيقات الواقعية في مجتمعنا الأردني ان اشتراك المجني عليه والجاني في ذات صاحب الحق بالإسقاط يؤدي غالبا الى اسقاط الحق عن الجاني باعتباره الخيار الأقل خسارة؛ ففي قضايا القتل بدرجاته يتم هدر حق المجني عليه المتوفي او فاقد الاهلية وان نجى وكان كامل الأهلية يتم الضغط عليه أسريا للتنازل حتى وان تم استئصال احد أعضائه او تعرضه للتعذيب؛ مما يبعدنا عن تحقيق الردع العام ومقاصد المشرع.
برغم ان حجة الوصاية او الولاية تستصدر من المحكمة الشرعية ورغم ان القانون في اكثر من موقع جعل من القاضي الشرعي ولي من لا ولي له اضف الى ذلك ان المادة ج/7 من قانون الحماية من العنف الاسري تنبهت لهذه الفجوة وأعطت إدارة حماية الأسرة قبل اجراء أي تسوية في الجنح الاسرية الطلب من قاضي المحكمة الشرعية تعيين من يمثل فاقد الاهلية او ناقصها في حال تعارضت مصلحة أي منهم مع مصلحة من يمثله ؛ وهو مالم يات به قانون العقوبات الأردني حتى في الجنايات الاسرية كالقتل والتعذيب والاغتصاب وان اغفال المشرع في قانون العقوبات لذلك يحيل ناقصي الاهلية وفاقديها لخارجين عن الحماية التشريعية الواجبة داخل اسرهم ويهدر حقوقهم مما لا يحقق الردع العام ولا الحماية لأفراد المجتمع داخل أسرهم.