اقترح نائب نقيب المعلمين الأردني ذائع الصيت حاليا ناصر نواصرة أن يكتب شخصيا على ورقة تعهده مع زملاء له في مجلس نقابة المعلمين الذي حكم بالسجن لعام بأن لا يترشح الطاقم في النقابة لانتخاباتها المقبلة إذا كان الهدف الأنبل قيد التموقع والحوار ضمن أي مبادرة تحت عنوان “بقاء نقابة المعلمين”.
“بدنا النقابة تعيش”.. هذه العبارة هي المختصر بعيدا عن الضجيج والخلاف والتجاذب في موقف النواصرة وزميله في المجلس كفاح أبو فرحان على هامش حوار صريح أثناء زيارتهما لمكتب “القدس العربي” في العاصمة عمان.
عند الحديث عن بقاء النقابة كمنجز وطني وحضاري ودستوري برزت إشكالية السؤال التالي: ماهي الخطوة التالية؟
وهو سؤال أصر أبو فرحان تحديدا على أن تكون الإجابة عليه خارج سياق شرعية بقاء النقابة كمؤسسة من عدمه حيث أن الحوار على تفاصيل التجاذب والخلاف يمكن أن يخضع لإعادة التموقع ولا مواقف مسبقة إلا في حال الحرص فقط على استمرار هذه النقابة المهمة وطنيا.
وحيث أن مصير الأشخاص بما فيهم مجلس النقابة الحالي ليس مهما فالبحث بالانسحاب “الشخصي” ممكن ومحتمل كما فهمت “القدس العربي” من سياق الحديث غير المباشر لأن الهدف الأسمى والأنبل هو أن تبقى هذه النقابة والتي تمثل جسما عريضا هو في الواقع الجزء الأكبر في قطاع الدولة العام مما برر العبارة الشهيرة التي استخدمت بعيدا عن سياقها بعنوان “نحن الدولة”.
وهي عبارة نشرت مجتزأة بهدف شيطنة نقابة المعلمين كخبر بدون مبتدأ وبدون مضاف إليه في لغة السياسة لأن المقصود لم يكن الاستقواء بل التأشير على واقع قوامه أن المعلمين يمثلون نحو 52 % من موظفي القطاع العام خلافا لأن العبارة اجتزأت من اجتماع داخلي مغلق لم يكن مخصصا للبث والإعلان.
“يجب أن تبقى النقابة”.. هذا هتاف تكرر في المواجهة الصريحة بين “القدس العربي” وكل من النواصرة وأبو فرحان والتي ستنشر بصورة مفصلة لاحقا لكن يبدو أن السؤال حول الخطوة التالية لتحقيق هذا الهدف ليس حكرا على الثنائي المشار إليه أو حتى على المعلمين فقد بات المعلم الأردني يريد أن يفهم ويعلم ما إذا كان الجناح التأزيمي في السلطة والحكومة في طريقه للاستثمار بالظرف الراهن المعقد لإقفال أبواب هذه النقابة.
يحذر النواصرة من الاستزلام لهذا المنطق ويحذر أبو فرحان من الرهان فقط على تأزيم لن يفيد أحدا.
ويلمح الرجلان بأن كل شيء قابل للمراجعة عندما يتعلق الأمر بخطاب إعلامي لم يكن واضحا أو باجتهادات تحتمل الصواب والخطأ أو بمحاولات تحطيب أسست لفتنة وإن كان النظام ومعه الدولة هما الثابت التأكيد بالنسبة للنقابة ومجلسها وهيئتها العامة حيث لا مزاودة على المعلمين هنا ولا على فهمهم للواقع وحيث العلاقة بقناعة مصيرية للدولة ويفتدى النظام والمؤسسات بتلك الصدور العارية للمعلمين بما فيها صدور أولئك الذين عوملوا بخشونة أو بصورة غير لائقة أو ضربوا أو اعتقلوا أو شنت عليهم حرب الأرزاق فالوطن أغلى من الذات هنا وأغلى من النقابة.
لكن النقابة جسم وطني وولدت بعد سنوات غياب وينبغي أن تبقى.
ثمة ذباب إلكتروني دخل على التشويش ووقائع تحريض يمكن نسيانها الآن وثمة وزراء تهربوا من مسؤوليات الحوار والاتفاق وثمة شيطنة وخشونة وتشويه ومنعطفات خطرة.
لكن الأمن والاستقرار وهيبة الدولة وكرامة المعلم نسيج واحد في ذهن النواصرة ورفيقه والخلاف على علاوة أو غيرها ينبغي أن لا يفسد الحقيقة حتى عندما يحصل تأزيم أو تصعيد من أي طرف.
في قاموس أبو فرحان والنواصرة فكرة الحرص على “تحريك القطاع العام” أقرب إلى “فلم هندي” ولا أساس لها إطلاقا والرغبة في التصعيد أو اللجوء للشارع لم تكن ذات أولوية يوما.
وإذا ما رأت السلطة بأن المجلس الحالي أقرب إلى صيغة مؤسفة بعنوان “عدو الدولة” ولأي سبب تعلمه النقابة أو تجهله فالأشخاص يمكنهم الانطواء أو حتى الانسحاب بما في ذلك الاستقالة لكن على أساس أن تبقى نقابة المعلمين.القدس العربي