النوّاب والموازنة .. اسئلة مشروعة

لن يخلو خطاب النوّاب من المطالب الخدمية المناطقية اثناء مناقشتهم لمشروع قانون موازنة 2021، فهذا أمر منطقي لهم لان قواعدهم الانتخابية تطالبهم بذلك وتضغط عليهم، فعيون النوّاب تتجه لأبناء دوائرهم، لذلك تتحوّل النقاشات إلى موسم للصراخ والمطالب التي قد يكون بعضها أغرب من الخيال.
لكن هذا لا يمنع النوّاب ان يكون في خطاباتهم جزء اقتصادي في النقاش يثري الحوار، ويرتقي بالخطاب ليكون اكثر اتزاناً، وأقرب الى دورهم الأساسي وهو التشريع والرقابة.
مشروع قانون موازنة 2021 يثير الكثير من التساؤلات الاقتصاديّة والاجتماعية، اذ يفترض من السادة النوّاب تسليط المناقشات الدقيقة عليها، لأنها تتعلق بمسار الاقتصاد الوطنيّ خلال هذه السنة الصعبة التي مازالت تقبع تحت جائحة كورونا.
فانفاق 9.365 مليار دينار يستوجب ان يحرك الاقتصاد الوطنيّ باتجاهات متعددة، فهذا الإنفاق الكبير نسبياً من المفترض ان يترجم إلى فرص عمل يخلقها الاقتصاد الوطنيّ في القطاعين العام والخاص، وبالتالي يساهم في وضع تصور مبدئي لنسبة البطالة التي ستكون عليه في نهاية العام.
وموازنة بهذا الحجم وبهذه الاستثنائية الكبيرة التي تضمنتها بعض بنودها من المنطق ان يكون هنالك تصور واضح لحجم الاستثمار المتوقع في هذه السنة وفي اي قطاعات.
الموازنة تضمنت زيادة فعلية في الانفاق الراسمالي بنسبة 25 بالمائة، والسؤال هل هذه النسبة اولا لديها القدرة في إحداث قيمة مضافة عالية في الاقتصاد؟، وثانيا هل تمتلك القدرة على تحقيق النموّ المقدّر بحوالي 2.5 بالمائة.
الحكومة كانت قد وفرت تمويلاً إضافيا لمواجهة كورونا بقيمة 156 مليون دينار، وهذا مبلغ محدد بتصور ان الوباء قد ينتهي قبيل النصف الاول من هذا العام، فهل تكمل الحكومة سيناريوهات اذا ما طالت فترة الوباء؟.
مشاريع الشراكة التي أجلت العام الماضي لاسباب مختلفة منها ما هو متعلق بعدم قدرة الجهاز الإداريّ الرسميّ في التعامل مع هذا النوع من المشاريع، فما هي الضمانات لتنفيذها هذا العام؟.
اذا كانت الحكومة قد اعلنت ان التوظيف سيكون محدود للغاية في سنة 2021، والقطاع الخاص يعيش في أصعب فترة منذ عقود، فما هو مصير 156 الف شخص يدخلون سوق العمل سنويّاً خاصة مع محدودية استقطاب دول الخليج للعمالة الأردنيّة للاسباب مختلفة؟.
آلا تعني زيادة مخصصات صندوق المعونة الوطنيّة بنسبة 38بالمائة ان مُعدّلات الفقر في تزايد مستمر، خاصة مع تداعيات جائحة كورونا على العديد من القطاعات والافراد.
وماذا عن التوقعات بزيادة الإيرادات المحليّة بقيمة 948 مليون دينار اذا ما استمرت الايرادات الضريبيّة في تراجع بسبب الجائحة مثل إيرادات الملكية وتداولات العقار وغيرها من المعاملات التي تتقاضى عليها الدولة الرسوم والطوابع؟، وهل ستواصل الايرادات الضريبيّة نموّها في ظل هبوط ارباح الشركات المتوقع؟.
الموازنة قدرت نموّ الصادرات الوطنيّة بنسبة 6.5 بالمائة في العام 2021، وهي نسبة منطقية في ظل الظروف الطبيعية، لكن استمرار حالة عدم اليقين في المنطقة نتيجة الوباء يعني استمرارية الاجراءات الحمائية التي تتخذها الدول لتعزيز خططها الوطنية كما حصل العام الماضي، حينها ستكون الحكومة أمام معضلة في الوصول الى هذه النسبة وان كانت متواضعة، فهل لدى الحكومة برنامج لدعم الصادرات الوطنيّة؟.
استمرار جمود التدفقات الاستثماريّة والسياحية والهبوط النسبي في حوالات العاملين في الخارج يعني ان دخل المملكة من العملات سيتعرض لضغوطات اذا ما استمر المشهد على حاله، فهل تمتلك الحكومة مرونة في التحرك نحو تعزيز الاحتياطات من غير تلك المصادر؟.
هذه كُلّها اسئلة اقتصاديّة حول مشروع قانون موازنة 2021، وهناك المزيد والكثير منها التي باستطاعة السادة النوّاب توظيفها بالشكل الصحيح في خطاباتهم اثناء مناقشة الخطة الماليّة للدولة بدلاً من التركيز على مطالب شعبوية غالبيته لا يمكن تحقيقه.

أخبار أخرى