لا يختلف أحد على أن الشباب هم القوة الدافعة نحو التنمية المستدامة التي تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاجتماعية كافة، الاقتصادية والسياسية على حد سواء. خاصة وأن مستقبل مجتمع اليوم سيعتمد إلى حد كبير على الطريقة التي يتم بها تصميم البرامج والطرق التعليمية لتُطلق الطاقات الكامنة للشباب وتُعدهم للعالم الذي سيرثونه.
ومن خلال مشاركاتي العديدة في برامج (أنا أتجرأ) وفي أنشطتهم، وجدت أنها قد تكون المنظمة الرائدة في تطوير برامج للأهداف السلوكية المتعلقة بمنع أو إيقاف سلوك الخطاب الذي يحض على الكراهية عبر الإنترنت، أو تعميم سلوك يعنى بنشر ثقافة السلام الإيجابي، خاصة وأن علمنا بأنه لا وجود لإحصاءات مبدئية أو حتى أبحاث موثوقة في هذا الموضوع.
وتأتي أهمية مبادرات (أنا أتجرأ) من حيث أنها تستند في مشاريعها إلى تعزيز السلوك الاجتماعي الإيجابي في القضايا التي تعمل عليها المنظمة من أجل تحقيق أثر ملموس ومستدام وقابل للقياس.
ولا شك أن التعليم في خدمة المجتمع، أمر أساسي في عملية التحول في حياة الفرد والمجتمع، خاصة وإن علمنا أن القوى التي تؤثر على الشباب ليست الدراسة فحسب، بل وسائل الإعلام، والتكنولوجيا، والأسرة، وضغط الأقران، والمجتمع الأوسع، وغيرها من المؤسسات الاجتماعية التي تسهم في نقل رسائل قد تكون مُعَزّزةً في بعض النواحي ومُناقِضةً من نواحٍ أخرى، ولهذا نرى شبابنا مرتبكا أحيانا بشأن الهوية، والمعيار الأخلاقي، والواقع الاجتماعي. وفي الواقع، فإنه لا يمكن للمرء أن يقوم بتطوير مواهب وقدرات شخص آخر تطويرًا كاملًا في عزلة عن الآخرين.
فالتحول الأخلاقي يكون ذا بعدين: تطوير الإمكانيات المتأصلة لدى الفرد، مع المساهمة أيضًا في تحويل المجتمع -وهذا ما يجب أن يكون من مخرجات التعليم أو بالعمل في المؤسسات التطوعية لأن من شأنها تطوير ثقافة تُشجع على إيجاد نهج مستقل للتفكير والدراسة والعمل، عن طريق الرغبة في العمل من أجل الصالح العام، يدعم بعضهم بعضًا ويتقدمون معًا، ويحترمون المعارف التي يمتلكها كل واحد منهم.
ولهذا، فإن «أنا أتجرأ» تعطي اهتماما بأصحاب الحق (شريحة الشباب) الذين تعمل معهم، وبالتالي، فإن وجود تصميم محوره الإنسان هو خطوة حاسمة نحو ضمان البدء من الفهم الصحيح لأصحاب الحق وأنهم قادرون على فهم احتياجاتهم وباستخدام مناهج مبتكرة لتلبية تلك الاحتياجات وتقديم حلول خلاقة تتناسب معم ومن أجل جعلهم أكثر صمودا ومرونة لمواجهة التحديات والصعوبات. ومن هذه الكفاءات: التواصل، تبادل المعرفة، العمل الجماعي، الشعور بالمبادرة، الشعور بالمسؤولية، الانفتاح الذهني، الوعي الذاتي، التفكير النقدي، تعلم التعلم، الإبداع، الاستعداد الداخلي، الاستقلال الفكري، التعاطف، الثقة بالنفس، والتكيف مع التغيير.
مثل تلك المبادرات المجتمعية، من شأنها أن تركز على تطوير الفهم العاطفي وتعزيز الصالح الإنساني. من خلال الحوار والاحترام المتبادل والتماسك الاجتماعي وبناء السلام لا بد له من أساس متين من الذكاء العاطفي والرفاهية من خلال بناء قدرات الأشخاص. كما أن العمل على فهم المشاعر والعواطف وكيفية تأثيرها على قراراتنا والمشاركة حتى في تشكيل حياتنا ومستقبلنا لهو أمر مهم لتعلمه. «إن امتلاك فهم عميق لما نحن عليه، ولماذا وكيف نتصرف بالطريقة التي نعمل بها، يجعلنا أكثر فهما وأكثر تعاطفا مع من حولنا»، هذا ما قاله د.إياد الجبر المدير العام في كلمته أمام جمع من الشباب.
ما أحوجنا لتشجيع الشباب من حولنا للانضمام الى مبادرات تطوعية كهذه، سواء في الأحياء أو المجتمعات المحلية ومن خلال انخراطهم بهذه البرامج سوق يتعرفون بصورة عملية على كيفية إحداث التغيير الإيجابي في مجتمعاتهم وتحقيق النجاحات في جميع مساعيهم.