الرئيس الأميركي المنتهية ولايته ليس من جذور عربية سورية، وهذه كذبة قيلت مطلع تسلمه للرئاسة في الولايات المتحدة الأميركية، وشاعت بين كثيرين.
لكن الرئيس ذاته يبدو عربيا في طريقة إدارة لموقعه الحالي، وتعبيره عن هزيمته، وحين ترى رئيسا لأعظم دولة في العالم، في هذا الزمن، يدير المعركة الانتخابية ونتائجها، بهذه الطريقة تدرك كم ان السلطة عمياء، خصوصا، اذا كانت سلطة بلا قيود او معايير.
الرئيس بشكل مباشر، كان شريكا في قتل مواطنيه، حين حرض أنصاره على التجمهر امام الكونغرس، واقتحموه، وحدثت مشادات ومواجهات، أدت الى قتل اميركيين، وحين تعبر شخصيات أميركية عن ذهولها من المشهد، وتصف المشهد بكونه إرهابيا، فهي تتحدث بدقة شديدة، فالرئيس حرض على القتل، واقتحام الكونغرس، وكنا امام إرهاب داخلي، هذه المرة، حتى لا يتم اتهام الشرق الأوسط المبتلى، بكونه حاضنة الإرهاب، وجذره الأول والأخير.
كيف يمكن لرئيس اعظم دولة في العالم، الرئيس الذي لديه حقيبة الازرار النووية، الرئيس الذي تحت سلطته كل هذه الجيوش، ان يبقى حاكما للولايات المتحدة الأميركية، ولا يقودها لحرب عالمية ثالثة، او انقسام داخلي، او مذابح دموية، رأينا أولها في الكونغرس الأميركي، دون ان يتراجع الرئيس في البدايات الا بعد ضغط العاملين معه، وتخوفا من عزله، وبدء محاكمته من جانب الكونغرس، وجهات ثانية حتى داخل الحزب الجمهوري الذي ينتمي له.
هذا يثبت ان السلطة العمياء، ليست حكرا على العرب، الذين يفعلون اكثر مما فعله الرئيس المنتهية ولايته، لكن الضمانة هنا، ترتبط فقط، ليس بمزاج الحاكم او الرئيس، فالضمانة هنا، هي الشعوب الحية، والاعلام ومنظمات المجتمع المدني، والمجالس النيابية غير المزورة، والأحزاب، وكلها قادرة على وقف أي تهور من جانب أي حاكم.
لكن العالم العربي الخرب، ليس فيه ضمانات، فلا احد يوقف أحدا، لان العرب لديهم انشغالات كبرى، برغم ان المقارنة في الأساس غير جائزة، الا ان مشهد السلطة العمياء، يثبت انه دون كوابح فاعلة، تستبد السلطة، وتفعل ما تشاء، ولدينا في العالم العربي، وكل العالم الثالث، مليون نموذج على تفرد الحاكم، واستبداده، دون سؤال او جواب من احد.
حتى لو حدث تزوير في الانتخابات الأميركية، فهذا لا يمنح الرئيس المنتهية ولايته الحق في حرق بلاده، فقد لجأ الى القضاء، وتم حسم الامر، كما ان الكونغرس صادق على النتائج، وانتهت كل القصة، لكن الرئيس مصاب بلوثة عقلية، فلديه عشرات ملايين الناخبين، وهو يظن انه قادر على قلب النتائج، او التهديد بفوضى شاملة، فأما يبقى للابد، واما يحرق البلد.
انها مأساة السلطة العمياء، على مدى التاريخ، وكل الأمم التي بادت، والحضارات التي انتهت، لقيت هذا المصير، في توقيت واحد، كان فيه الحاكم مستبدا، مما أدى إلى شيوع الغضب والكراهية والانقسام، فتعرضت تلك الشعوب الى نهايات سوداء، بسبب الانقلابات او الحروب، او ظهور حضارات بديلة، لكن جذر النهاية كان على يد حاكم مستبد.
ليس بالضرورة ان يكون الرئيس الحالي، من جذور عربية، كما اشيع، حتى يقامر ببلاده، فهي غريزة قديمة جديدة، غريزة السلطة، لكن الفرق، ان وجود مؤسسات وقوانين وشعوب مهذبة، يمنع الشطط في السلطة، فيما حين يكون الحاكم وحيدا فريدا ولا احد من امامه ولا من خلفه، يقود بلاده الى جهنم الحمراء، ولدينا ادلة كثيرة على ذلك عبر التاريخ.
الرئيس الذي ينحدر اجداده من بلدة كالشتات الألمانية، كان معروفا بشدة العداء لكل المهاجرين العرب والمسلمين والأجانب، وما زلنا نضع أيدينا على قلوبنا من الأيام الأخيرة، حتى العشرين من الشهر الحالي، فهذا الرئيس قد يصحو غدا ويقرر حرق العالم، ليبقى السؤال عن دول الشرق الأوسط، واذا ما كانت ستبقى كما هي، باعتبار ان الديمقراطية، كلام فارغ، وان التفرد بالسلطة هو الحل، وليس ادل على ذلك من تجربة الرئيس المنتهية ولايته، التي تكاد تقول للعرب انكم اساتذتي، لكم مع فرق بسيط، فهناك في الولايات المتحدة يوجد لديهم من يوقف الرئيس، وفي العالم العربي لا احد يوقف الرئيس، أي رئيس.