النواب والحكومة.. المعركة لم تبدأ بعد!

 

بدأ رئيس الوزراء أمس لقاء النواب استعدادا للتقدم ببيان نيل الثقة المقرر يوم الأحد المقبل. تحركات الرئيس هي إجراء نمطي سبقه إليه الكثير ممن تبوأوا سدة الحكومة.
النواب البالغ عددهم 130، منهم 98 جددا، سيشرعون بمناقشة بيان الحكومة ويدلون بدلوهم بشأن ذلك، قبل أن يتم التصويت على الثقة والمرجح أن يكون بعد اسبوع من التقدم بطلبها. من المتوقع أن تشهد كلمات النواب محاولات لإثبات الوجود في أولى الجلسات الفعلية للمجلس الـ19.
في العام 2010 حصل رئيس الوزراء الأسبق سمير الرفاعي على ثقة مجلس النواب حين صوت الى جانب حكومته 111 نائبا من أصل 120، في جلسة حضرها 119 نائبا، وقد لاحق هذا الرقم الرفاعي والنواب حتى يومنا هذا، باعتباره رقما استثنائيا، لكنه لم يكن كل القصة.
الدكتور بشر الخصاونة سينال ثقة مريحة من المجلس النيابي، قد لا يحصل على نسبة مماثلة، لكنه في النهاية سيحصل على مباركة المجلس الـ19. ما الذي سيحدث حينها؟، سيسارع الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي إلى انتقاد النواب، خصوصا الجدد منهم، فهم بالنسبة للشارع مطالبون بحجب الثقة فقط، وإذا ما فعلوها سينالون سيلا واسعا من التمجيد.
لما لا يمنح الخصاونة الثقة، فعلى أرض الواقع هو لم يأخذ فرصته بعد للحكم على حكومته، ولا يعيب أي نائب إذا ما صوت لصالح الرئيس، إذ إن حجب الثقة يجب أن يبنى على معايير حقيقية تقوم على قياس الأداء والمنجز، وليس انطباعا يهدف إلى الشعبوية، وهذا الشرك الذي قد يقع فيه النواب لأن المطلوب منهم أكبر من منح أو حجب الثقة.
المعركة الأهم بين النواب والحكومة تبدأ بعد منح الثقة. مجلس النواب في حقيقة الأمر قادر على أن يشكل علامة فارقة في دوره الرقابي والتشريعي، وأن يكون شريكا أساسيا في المرحلة المقبلة، وذلك يتأتى من خلال تفعيل عمل لجانه النيابية، كل في اختصاصه.
من الجيد أن ينجح رئيس مجلس النواب عبدالمنعم العودات في تنفيذ خطته المتمثلة في تقسيم أولويات المرحلة، وإحالة كل أولوية إلى اللجنة المختصة من لجانه الدائمة، حتى يصار فيما بعد لمتابعة كل ما ورد في خطاب الثقة ومراجعة الحكومة فيها. بالتأكيد إن عوامل وتحديات كثيرة ستعمد إلى إعاقة هذا التوجه، لكن الغلبة ستكون لمن يملك إرادة حقيقية في تنفيذه.
لا نريد أن يقتصر دور النائب فقط في الوقوف على أبواب الوزراء، لتشغيل هذا، والتوسط لذاك، ولتمرير معاملة لثالث!. إن أراد المجلس أن يثبت تميزه، وأن يعود إلى دوره الحقيقي الذي طغى عليه الجانب الخدماتي، فإنه معني أن يكون صاحب صوت عال. اللجان مطالبة بمراجعة ومتابعة ومراقبة أداء كل وزير ومسؤول في كافة القطاعات، وأن تدفع من خلال المجلس النيابي إلى الضغط على الحكومة لمحاسبة من لا يؤدي واجبه على أكمل وجه، وهذا بلا شك يرفع وتيرة الأداء الحكومي باتجاه إيجابي.
هكذا قد يثق الناس بالمجلس، رئاسة وعضوية، وعندها قد تبدأ الصورة النمطية المغروسة في ذاكرة الأردني والقائمة على أن النواب يعملون وفق مصالحهم الفردية والانتخابية، بالزوال. من دون تحقيق ذلك، سنغلق كتاب مجلس الأمة بانتظار أن يأتي الفرج بعد أربع سنوات إضافية.

أخبار أخرى