كيف فهم النواب برقية الحكومة المشفرة؟

 

تسعى حكومة الخصاونة، للتجسير مع النواب، منذ الآن، ولديها وزراء على صلة في الأساس بالنيابة، كونهم كانوا نوابا، وهؤلاء أكثر خبرة في التعامل مع النواب.
كل التحليلات تتحدث تارة عن ثقة مرتفعة، والبعض يقول لك ان الثقة ستكون عادية، وفريق ثالث يتحدث عن تكامل الأدوار، وليس تناقضها، وآخرون يصرون على ان الدورة الأولى سوف تكون مزعجة جدا للحكومة، فهؤلاء نواب جدد، يريدون اثبات وجودهم، ويأتيك فريق كبير يقول لك، ان كل هذا المشهد من لوازم الديمقراطية، وليس حقيقيا.
حكومة جديدة، ونواب جدد، والطرفان سيتعلمان على حساب بعضهما البعض، وعلى حسابنا أيضا، والحكومة تتجنب الغمز من قناتها بوجود قوى صديقة ستساعدها في الحصول على ثقة النواب، فيما النواب يريدون التخلص من ارث ثقيل، وتهمة تلاحق كل المجالس النيابية، أي التبعية للحكومات، وتلقي التعليمات منها بعيدا عن الأعين، او مقابل خدمات وتسهيلات.
سواء كان هذا الاشتباك حقيقيا، ام زائفا، فإن الأهم يرتبط أساسا بقدرة النواب على ممارسة ادوارهم النيابية، من رقابة وتشريع، وهم في اغلبهم بلا خبرة، وهذا امر خطير، خصوصا، ان استبدال النواب القدامى بجدد، عبر الانتخابات الأخيرة أدى الى انقلاب كامل في مخزون النواب من الخبرات، فنحن امام نواب جدد دون خبرات، سيتعلمون على حسابنا أيضا، ولم يصغ احد الى كل المطالبات بعقد ورش عمل لتأهيل النواب، قبيل ان يبدأ البرلمان اعماله.
هناك ملفات حساسة، الآن، سيتعامل معها النواب، من الموازنة، الى قوانين عليها اعتراضات مثل المالكين والمستأجرين، وملفات على صلة بالحريات، والوضع الاقتصادي، والوضع الداخلي بكل تعقيداته، بما في ذلك الآثار الناجمة عن كورونا.
لا توجد حكومة واحدة في الأردن، تريد برلمانا فاعلا وهذا ما اثبتته التجارب السابقة، وبرغم ان رئيس الحكومة تحدث مسبقا في لقاء مع النواب عن “عام استثنائي ومرحلة صعبة”، الا ان كلمة السر في مفردات الرئيس كانت ناعمة ومبطنة وتقول للنواب، ان عليهم التهدئة جميعا، وعدم التحرش بالحكومة، فالظرف الداخلي بكل ما فيه اقتصادياً وصحياً لا يحتمل أي مشاكل او أزمات بين الحكومة والنواب، ولا تعرف اذا كان النواب الجدد قد التقطوا هذه البرقية المشفرة بين السطور، والتي تعبر عن واقع موروث أيضا، ولم تصنعه هذه الحكومة وحيدة، ويقومون بالتالي بالتهدئة، ام سوف يصرون على استقلال كامل، ويزيدون من صعوبة العام الجديد، على الحكومة الجديدة أيضا؟.
في المحصلة كل العبارات التقليدية التي سمعناها عن أدوار الحكومات والمجالس النيابية، عبارات شكلية، لأن الواقع دائما يؤشر على حكومة مسيطرة، ونواب يراعون مصالح قواعدهم الانتخابية، والصوت المرتفع مقبول من باب تسجيل المواقف، وليس تغييرها، أي تسجيل المواقف داخل جلسات الثقة والموازنة وغير ذلك، دون ان يؤدي الصوت المرتفع، الى تغيير السياسات، ولعل هذا أدى الى اسقاط تدريجي لسمعة النواب في المجالس السابقة.
النائب الذي لديه خبرة متوارثة، مهما بلغت شراسته، أرحم بكثير، من النائب الجديد الذي يريد التعلم على حساب موقعه وعلى حساب الحكومة والنواب، ولعل ازعاج النائب الذي لديه خبرة، أهون على الحكومة من النائب الذي سيطلق النار عشوائيا، خصوصا، في البدايات.
من مصلحة الدولة أولا وأخيرا، استرداد سمعة النواب الى مربعها الإيجابي، وترك عملية الحصول على الثقة دون انزال مظلي في الحديقة الخلفية للعبدلي، بحيث نختبر قدرة الحكومة الفعلية بالحصول على الثقة، وان يتم ترك المجال كاملا للنواب من اجل أداء مهماتهم، حتى لو أدى ذلك الى صداع وأخطاء، فنحن لسنا في حضانة سياسية، تحتاج فيها هذه الأطراف الى رعاية، ولا بد من ان يتحمل كل طرف مسؤوليته.
دولة تحتفل بالمئوية الأولى، جدير بها ان تحتمل ازعاج النواب والنقابات، وان تتخلى عن تحسسها المفرط، خصوصا ان كل هذه الأطراف ليس لديها اجندات خارجية، ولا يمكن اتهام احد فيها بكونه يتبنى خطاً سياسيا لبث الاضطراب في الداخل الأردني.

أخبار أخرى