بإقرار الحكومة مشروع قانون الاستثمار يكون زمن الإعفاءات العشوائية قد ولى من غير رجعة، فالاقتصاد بحاجة إلى ما يعظم القيمة المضافة فيه بدلاً من الاستفادة من جانب واحد كما كان في السابق.
من يصدق ان اقتصادا مثل الاقتصاد الوطني يعاني من عجز مالي مُزمن يتجاوز الملياري دينار يقدم إعفاءات سنوية تحت مظلة تشجيع الاستثمار بقيمة 200 مليون دينار، لمستثمرين ومشاريع، الكثير منها القيمة المضافة لها شبه معدومة، إن لم تكن معدومة.
بموجب مشروع القانون الجديد والذي سيعطى صفة الاستعجال في مجلس النواب تم إلغاء كلمة إعفاء من قاموس الحكومة بموجب القانون كما كانت في السابق، لكن مشروع القانون حافظ على الحوافز والامتيازات التي يتمتع بها المستثمرون قبل إقرار هذا القانون، أي انه لن يطبق بأثر رجعي أبداً، خاصة المستفيدين من مزايا المناطق التنموية المختلفة.
اما المستثمرون الجدد، فإن الجميع سيخضعون لنفس عمليات التسجيل الضريبي والجمركي المعمول بها ضمن الحوافز والتسهيلات المقرة وفق القوانين النافذة، سواء أكان في الضريبة ام الجمارك.
لكن يبقى السؤال المهم، وهو اذا كانت الحكومة ألغت الإعفاءات، فكيف ستشجع على جذب المستثمرين الجدد إلى المملكة.
القانون منح الحكومة تحديد أولويات للاستثمار والأهمية لكل قطاع على حدة، فهي صاحبة تحديد معايير الأهمية والأولوية التي ترغب بتحقيقها من وراء أي استثمار سواء أكان يتطلب ذلك تحديده قطاعياً أو عماليا أو أي معايير تعظم القيمة المضافة لأي استثمار جديد يصب في صالح الاقتصاد الوطني ويعزز من مفاهيم التنمية المستدامة.
هنا يقع التحدي على الحكومة ومجلس النواب في الوصول إلى تفاهمات حول هذه المعايير التي سيتم على أساسها تقديم تسهيلات ودعم مباشر وغير مباشر يحل محل الإعفاءات العشوائية، والمقصود بتلك التفاهمات هو تحديد دقيق لمعايير القيمة المضافة كالمساهمة في زيادة الصادرات واستخدام تكنولوجيا أو أيدي عمالة محلية أو مدخلات انتاج وطنية أو تشغيل المرأة أو الاستثمار في الأراضي والمحافظ المالية وغيرها من المعايير التي تؤكد مفهوم التشاركية في العملية الاقتصادية، وهو ما يستوجب على الحكومة حينها تعزيز استدامة هذا المشروع والحفاظ عليه وتقديم كافة أشكال الدعم له.
الدعم هو إما مباشر أو غير مباشر في الإجراءات المختلفة، فهما في مشروع قانون الموازنة العامة لسنة 2021 مخصص بقيمة 25 مليون دينار لدعم وتشجيع الاستثمار، سيمنح للمشاريع التي تنطبق عليها المعايير بشكل مباشر، إضافة إلى أي استثناءات إدارية تسمح لهيئة الاستثمار باتخاذها لدعم المستثمر.
الحكومة مطالبة قبل نفاذ القانون بتفعيل النافذة الاستثمارية بالشكل الصحيح والهدف الأسمى من وجودها أساساً، وهو إنجاز المعاملات الاستثمارية بالشكل السليم والسريع في مكان واحد، وإنهاء حالات التردد في اتخاذ القرار والرجوع للوزارات من قبل المفوضين في النافذة.
الكرة في ملعب الحكومة، وهي من ستنفذ القانون، وهي مسؤولة عن تطبيقه وتحقيق أهدافه، فإما ان تضبط جودته بأنظمة وتعليمات رشيدة وفاعلة مدعومة بجهاز إداري كفء ومخول بالصلاحيات الكاملة، وإما ان تبقيه في أدراجها مثله مثل كثير من القوانين والأنشطة التي ما تزال تراوح مكانها ولا احد يعلم مصيرها.