حسنا الذي فعلته الحكومة حين نفت النية لإغلاق مطار الملكة علياء الدولي، خلال الأيام القليلة المقبلة، فالإشاعات هنا مربكة جدا، خصوصا لمن يسافرون، وقد يعلقون في أرض الله الواسعة، بسبب قرار يتم اتخاذه بشكل مفاجئ، ودون تقدير لعواقبه على كثيرين.
أغلب دول العالم، لم تعد تغلق المطارات، فهذه موضة باتت قديمة للوقوف في وجه الوباء، والواضح تماما أن نسخ الوباء المتجددة، تنهمر كل يوم، وهناك كل فترة، سلالة جديدة، أو سلالة متحورة، وهذا يعني أن الوباء سيبقى في العالم، لفترة ليست قصيرة.
لا يمكن لدول العالم، أن تستسلم للوباء، بحيث تنهار اقتصاداتها فوق الذي تعيشه فعليا، بسبب تأثيرات الوباء، التي تثبت أن كل العالم كان يعيش أساسا، على مبدأ التواصل الوجاهي، وحين تضرر هذا المبدأ، تراجع كل شيء، على المستويين الفردي والجماعي.
الأردن أمام عام جديد، والكل هنا يترقب القرارات الحكومية، وإذا ما كانت الحكومة سوف تتخذ إجراءات جديدة، بشأن كل شيء، من حظر الجمعة، الى وضع القطاعات المغلقة.
الواقع يؤشر على أمر آخر مختلف تماما، لأن الأزمة ما تزال قائمة، والتوقعات بانفراجات كبيرة وكاملة وشاملة، قد تبدو مبالغة، خصوصا أن انخفاض عدد الإصابات في الأردن، ترافق مع ظهور نسخ أخرى من الوباء في العالم، ما يهدد كل عملية فتح القطاعات مجددا، ويجعل الحكومة حذرة في قرارات إعادة فتح بعض القطاعات، ووفقا لمعايير متشددة.
رقم الذين سجلوا للحصول على اللقاح، منخفض، وحين تعلن الجهات الرسمية، أن عشرة آلاف شخص سجلوا في أول يوم، من أصل عشرة ملايين أردني ومقيم في الأردن، تدرك أن الرقم منخفض جدا، وهذا يؤشر على مخاوف الناس من اللقاح، رغم كل التطمينات، والكل يريد أن ينتظر حتى يجرب غيره اللقاح، من شعوب العالم، وداخل الأردن.
أسوأ ما في المخاوف من اللقاح الكلام غير العلمي عن تأثيرات سلبية لا تظهر مباشرة، وبحاجة الى سنوات، وهذا يعني أن الثقة باللقاح بحاجة الى تعزيز من جانب المتخصصين، كون اللقاح هو الوسيلة الوحيدة، للتعامل مع هذه المحنة، الا اذا ثبت لاحقا، وبشكل علمي، أنه لا يقف في وجه النسخ المستجدة من كورونا، ولحظتها سيعود العالم الى نقطة الصفر.
لقد تغيرت الحياة، حقا، والذي ينكر التغيرات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، إما أنه لا يلتفت لها بشكل عميق، أو أنه يحاول التغافل عنها، لكن الأزمة ضربت بعمق الحياة الإنسانية، وأعادت إنتاجها بشكل جديد، وليس أدل على ذلك من تقطع العلاقات الإنسانية والاجتماعية بسبب الخوف من العدوى، والآثار السلبية على الاقتصادات، ورواتب العاملين، وأثر ذلك على استقرارهم، وحياتهم، وبيوتهم، وهو أثر ليس سهلا، بكل المقاييس.
الحكومة هنا لن تأتي بمعجزات، تجعلها مختلفة عن بقية حكومات العالم؛ إذ رغم كل الحزم والإجراءات، إلا أن أثر الأزمة يبدو حادا، ومؤثرا بشكل سلبي، وقد تنجح الحكومة فقط في اجتراح خطة للعام الجديد، عبر إعادة النظر في كل القرارات السابقة، وبحيث يتم الإعلان عن حزمة جديدة، متوسطة المدى، وبحيث لا تتغير كل يومين، بما يسبب إرباكا واضطرابات، خصوصا ونحن نرى ما يحدث في قطاعات كثيرة، تدب الصوت عاليا، من الزراعة الى السياحة، مرورا بالتعليم، وكل القطاعات المغلقة، كليا، أو جزئيا.
بعض هذه القطاعات فقد موسمه الأساس، أي الصيف، وتحديدا المطاعم والمقاهي وصالات الأفراح وغير ذلك، بما يجعل انتعاشها مؤجلا في الأساس حتى الربيع المقبل، اذا استطعنا أن نعود الى حياتنا الطبيعية حتى ذلك الوقت، وهو سيناريو ما يزال غامضا.
مرة ثانية، الحكومة لن تأتي بمعجزات، لكن عليها أن تخرج على الناس بقرارات تخفف من حدة الأزمة، وتراعي في الوقت ذاته الجانب الصحي، وهذا توازن صعب جدا على الحكومة تحقيقه اذا استطاعت، حتى تنجو من الاتهامات، بكونها أضرت بالاقتصاد، أو بحياة الناس، وهي في الحالتين، تحت مطارق الناقدين، ولاذع ألسنة المراقبين والمتابعين