قبل أكثر من عام على نهاية العمل بمشروع العطارات لتوليد الطاقة من الصخر الزيتي، وجدت الحكومة السابقة نفسها أمام حقائق صعبة في الاتفاقية المبرمة مع شركة العطارات للطاقة المملوكة من قبل ائتلاف صيني ماليزي وأستوني.
المشروع الذي مثل حلما لأجيال من الأردنيين تحول إلى كابوس، فقد أظهرت المعلومات أن اتفاقية شراء الطاقة الكهربائية ترتب خسائر سنوية صافية على الخزينة تقدر بنحو 200 مليون دينار، تضاف إلى كميات أخرى من الطاقة الفائضة عن حاجة المملكة، تدفع الخزينة كلفتها لشركات الطاقة المتجددة دون استعمالها.
قانونيون وأصحاب قرار من أهل الاختصاص، انخرطوا لأشهر في مناقشات مستفيضة حول أفضل السبل للتعامل مع الاتفاقية.
الإشكالية الكبرى في الاتفاقية تتمثل في أسعار شراء الكهرباء المرتفعة وعدم جدواها في ظل توفر مصادر أقل كلفة، وانخفاض أسعار النفط عالميا.عندما أبرمت الاتفاقية لم يكن الوضع كما هو حاليا، لكن بالرغم من ذلك يعتقد الخبراء أن الأسعار مرتفعة جدا عند مقارنتها مع أسعار النفط قبل خمس سنوات.
اكتمال العمل بالمشروع تزامن مع جائحة كورونا قبل منتصف العام الحالي، ما أعطى الجهات المختصة فرصة لتأجيل تنفيذ الاتفاقية لحين اتضاح الصورة. وقبل أن يحل موعد الاستحقاق لتنفيذ التعاقدات المنصوص عليها، حسمت حكومة بشر الخصاونة التي ورثت الملف الثقيل أمرها وقررت اللجوء إلى التحكيم الدولي لرفع ” الغبن الفاحش” في بنود الاتفاقية كما وصف بيان الحكومة.
شركة الكهرباء الوطنية، ممثل الحكومة في الاتفاقية تقدمت بطلبي تحكيم لغرفة التجارة الدولية في باريس، لغايات إصدار حكم بوجود ومقدار من الغبن الفاحش في التعرفة الكهربائية، وتقرير حق شركة الكهرباء الوطنية بفسخ العقد، ما لم يتم إزلة الغبن الفاحش. كما تم الطلب من هيئة التحكيم إصدار قرار بأن كفالة الحكومة بضمان التزامات”نيبكو”غير قابلة للتنفيذ قانونا بسبب الغبن الفاحش في اتفاقية شراء الطاقة التي تم إصدار الكفالة تبعا لها.
الفريق القانوني والتقني في الحكومة كان قد ناقش حزمة من الخيارات، واستأنس برأي مؤسسات دولية، تراوحت بين تملك المشروع أو وقف العمل فيه من طرف واحد أو السير بالاتفاقية دون اعتراض عليها، لكنها وجدت الخيار الأنسب باللجوء إلى طلب التحكيم واحترام المسار القانوني بما لا يضر بعلاقات الأردن مع دول صديقة، وسمعته في سوق الاستثمار العالمي، وهذا بلا شك هو القرار الأفضل.
وعلى مسار مواز فتحت جهات رسمية تحقيقا معمقا في ظروف وملابسات توقيع الاتفاقية، وما صاحبها من اسئلة وشبهات، خاصة مع وجود أطراف أردنية في الاتفاقيات الموقعة، لكن نتائج هذه التحقيقات لم تكشف للعلن، وليس معروفا بعد إن كانت ستستمر بعد قرار الحكومة بطلب التحكيم الدولي في الاتفاقية.
قضايا التحكيم من هذا النوع تطول مدتها وقد تستغرق سنوات، لكن قراراتها ملزمة للطرفين، وإلى ذلك الحين سيتوقف العمل بنصوص الاتفاقية، ولن يترتب على الخزينة أي خسائر مالية، وهذا بحد ذاته خبر جيد للقائمين على المالية العامة في الحكومة، خاصة في الظروف الحالية الصعبة التي تشهد ارتفاعا لمعدلات العجز في الموازنة العامة وزيادة في المديونية.