تظهر سلالة جديدة من فيروس كورونا، في بريطانيا، والمسؤولون الأردنيون، يصرحون مثلهم مثل مسؤولي منظمة الصحة العالمية، أنهم يرصدون ويتابعون التطورات.
نضع أيدينا على قلوبنا هذه المرة، أمام أكثر من عشرة آلاف إصابة جديدة في بريطانيا، من الفيروس الجديد، مما أدى إلى إعلان حظر شامل في لندن، ومناطق جنوب شرقي بريطانيا، ودول أوروبية قررت منع وصول الرحلات من بريطانيا، من بينها إسبانيا ودول ثانية.
كل هذا يجري في الوقت الذي يعلن فيه رئيس الحكومة في الأردن، ومسؤولون آخرون، أن النية تتجه تدريجيا لفتح قطاعات مغلقة، وفيما يتنفس الناس الصعداء، أمام انخفاض عدد الحالات في الأردن، تدريجيا، أمام الإجراءات المتشددة، وظهور لقاح بدأ توزيعه، يأتي السؤال الأهم إذا كان اللقاح الجديد، قادرا على تحصين الإنسان من السلالة الجديدة، أم أنه سوف يتعامل فقط، مع السلالة التي ظهرت، تقريبا منذ بداية العام؟.
في ظلال نظرية المؤامرة، ربما هذه حرب بين الشركات، من أجل إفشال اللقاح الجديد، الذي لن يغطي إلا سلالة محددة، إذا ثبت ذلك علميا بالطبع، وقد نصير بحاجة إلى لقاح آخر، يغطي السلالتين، أو إلى لقاح لكل سلالة، وهذا أمر يحسمه العلماء والأطباء، وليس خبراء وسائل التواصل الاجتماعي، الذين يمطرون حياتنا بعشرات القصص يوميا.
لكن الكلام ليس سهلا، وقد يضطر الأردن، ودول ثانية إلى منع وصول الرحلات من بريطانيا، إذا تفشى الوباء بنسخته الثانية، بشكل أسرع، خصوصا، أن النسخة الثانية، جديدة، ويتعرف عليها العلماء والخبراء، وقد تمتد العدوى من بريطانيا إلى دول كثيرة، ومن شعب إلى شعب، فنجد أنفسنا نهاية المطاف أمام قصة جديدة، أكثر صعوبة نفتتح معها العام 2021، بطريقة غير متوقعة، وعلى غير الآمال بالخروج من هذه المحنة.
ربما يبدو الوقت مبكرا، للحكم على ما سيجري، لكننا أمام مؤشرات متزايدة، ومتسارعة، فيما تأتي التأكيدات على أن السلالة الجديدة ناتجة عن تغييرات في البروتينات السطحية للفيروس، والوصول إلى خلاصة علمية حول قوة أو ضعف الفيروس المتحول، ومدى ملاءمة اللقاح الحالي له، يحتاج إلى أسابيع، في الوقت الذي ألغت فيه بريطانيا احتفالات عيد الميلاد، ورأس السنة، وفرضت حظرا شاملا، برغم تأكيدها أن القصة ما تزال في بدايتها، وهي وضعية تذكرنا ببداية الفيروس مطلع العام 2020، ولا أحد يعرف النهاية.
تأثيرات الفيروس على الحياة الاجتماعية والاقتصادية، كانت كارثية، فالوباء ترك ضررا أكثر من حرب عالمية ثالثة، ونحن نعيشها حقا، لكن بطريقة ناعمة، تتضرر اقتصادات الدول، وتنهار الموازنات، ويرحل المصابون تحت وطأة المرض، وتخسر ملايين الشركات، ويتم إغلاق ملايين الوظائف، أو يتم خفض الأجور، وكل التقديرات تتحدث عن سنوات للخروج من أثر الجائحة، ولم يكن ينقصنا إلا الفيروس المتحول، خصوصا، إذا امتدت عدواه عبر بريطانيا، أو دول ثانية إلى بقية دول العالم، وإذا ثبت أن اللقاحات الجديدة، لا تمنح متلقيها أي حصانة، وعندها سيدخل العالم مرحلة أكثر صعوبة، بما تعنيه الكلمة، برغم كل الإضرار والخسائر التي لحقت بالكل دون استثناء.
هذه التغيرات، تجعل الخيال خصبا، حول الذي قد نعيشه في الأردن خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وكل ما نتمناه أن نخرج من هذه القصة بأقل الخسائر، فلا أحد يحتمل مزيدا من الضربات، وقد تغيرت حياتنا على مستوى التعليم والاقتصاد والحياة الاجتماعية، إضافة إلى الأضرار النفسية التي قد لا تأبه بها الحكومات، باعتبار أننا من الشعوب التي تقاوم كل الأعراض النفسية، ومعتادة على الكآبة وأن يحدث المرؤ نفسه.
بريطانيا، وعلى لسان رئيس الوزراء، حذرت بشدة من الفيروس المتحول، لكنها أيضا ترسل تطمينات حول القدرة على السيطرة على الأزمة، وهذا الكلام لن يصمد مطولا، أمام لغة الأرقام، والحقائق التي ستظهر على الواقع، خصوصا، أن احتمال وجود نسخة ثانية من الفيروس في دول أخرى، يبقى واردا، حتى لو كانت بريطانيا أول من أعلن عن ذلك، واتخذت إجراءات قاسية بحق مواطنيها، بشكل غير متوقع.
علينا أن ننتظر، ونتمنى أن تكون هذه قصة عابرة، يمكن السيطرة عليها، وإلا سندخل العام 2021، بطريقة أكثر صعوبة، تترك أثرها على الكل.
وكأن هناك من يلعب بهذا العالم، ويتفرج من بعيد.