خسارتنا التعليمية والاقتصادية الباهظة!

خسائرنا التعليمية والاقتصادية كبيرة جدا مع كل دقيقة تمر في ضوء أشكال التعليم التي أملاها كورونا والإغلاقات الاقتصادية التي ما تزال مستحكمة. مئات الآلاف من الطلبة لا يتعلمون، والآخرون الذين يدخلون المنصات أو يتعلمون عن بعد يتلقون تعليما سقيما سيئا لا يعطيهم المهارات أو المعارف التي يحتاجونها. أبناؤنا يخسرون حصتهم من التعليم في كل يوم، ولا يبدو أن أحدا متضايق من جراء هذا الحال على المستوى الرسمي، مع أن الأصل أن يكون هناك دفاع شديد من قبل القرار التعليمي الرسمي لكي تعود الحياة التعليمية لطبيعتها، أو على الأقل، أن تلتزم بوعود سابقة قطعتها بأن يكون التعليم جزئيا بالبيت وآخر بالمدرسة بحسب الحالة الوبائية لكل مدرسة. هذا لا يحدث، فثمة استكانة مخيفة على بقاء الحال على ما هو عليه رغم الخسائر التعليمية والمجتمعية المتحققة.
مئات المدارس متوقفة عن التعليم مع أنها في مناطق نائية بعيدة عن معدلات الإصابة بـ”كوفيد 19″، وهي مدارس غير مكتظة بالأساس، فلماذا لا يسمح بالتدريس فيها؟ وهي مدارس بمناطق نائية لا تحظى بتغطيات إنترنت جيدة، أو لا يقبل الناس بتكلفتها. أسئلة مشروعة يتم تداولها عن حكمة وتدبر القرار التعليمي بشأن هذه الفئة من المدارس. مدارس أخرى زادت أعداد الصفوف لتحقيق التباعد وما تزال ممنوعة من التعليم الوجاهي، وملزمة بالتعليم عن بعد الذي نعلم جميعا الآن أنه تعليم ذو جودة ضئيلة.
يزداد استهجان الناس باستسهال التضحية بالتعليم، عندما يرون دولا أخرى الحالة الوبائية فيها أسوأ من الأردن لجأت لغلق الاقتصاد، ولكنها أبقت على التعليم لعلمها أن الخسارة في هذا القطاع لا تقدر بثمن. ونحن في الأردن نشهد استقرارا بمعدلات الإصابات، ونشهد بناء لمستشفيات ميدانية زادت من سعة وقدرة نظامنا الصحي، فلماذا لا نفتح بعض القطاعات كالتعليم، أو نخفف عن القطاعات الاقتصادية التي تئن بألم شديد جراء الإغلاق. المنطق يقول إن إجراءاتنا الصحية، الجيدة مؤخرا، معناها مزيد من التخفيف على الاقتصاد، وإلا فما معنى بناء مستشفيات ميدانية اذا لم يترافق ذلك مع فتح الاقتصاد وعودة التعليم.
وصلنا لمستويات جيدة من الالتزام بالكمامة والتباعد، وهذه هي الشروط التي يجب أن تستخدم لإسناد القرار بفتح المدارس والقطاعات الاقتصادية، وبغير ذلك فخسارتنا غير مبررة. علينا أن نتحلى بالمرونة والنظر بعين واقعية لأحوال التعليم والاقتصاد، ولا بد من الإسهام بمساعدة الناس على تلقي نوعية تعليم تليق، وفتح القطاعات الاقتصادية التي أفلس أصحابها ودخلوا دائرة العوز، ومن هذه القطاعات، على سبيل المثال لا الحصر: المطاعم والمقاهي، صالات الأفراح، الأندية الرياضية، وغيرها من القطاعات التي يعلم وزراء الحكومة أن أصحابها على وشك الانفجار. المطلوب ببساطة الاستمرار بترسيخ تبادلية الكمامة والتباعد مع فتح القطاعات والعودة للتعليم. هذا منطقي ويمكن تحقيقه، أما الاستمرار بالحال كما هو لحين ورود اللقاح، فتلك مغامرة اقتصادية واجتماعية باهظة يجب القتال لتجنبها.

أخبار أخرى