تعويضات كورونا

 

أشارت الحكومة بشكل واضح وعلى لسان وزير المالية الدكتور محمد العسعس إلى ان هناك مبادرة ستطلق قريباً لتعويض المتضررين من تداعيات كورونا الاقتصادية سواء أكانت من الافراد او من القطاعات فالأمر سيان، دون الإفصاح عن أي تفاصيل لهذه المبادرة التي تشكل إجراء نوعيا بالنسبة للاقتصاد الوطني عامة والخزينة خاصة.
تعويض القطاعات المتضررة من كورونا فكرة اقتصادية سليمة واجراء سليم لمساعدة تلك القطاعات على استمرارية عملها ونشاطها دون توقف، والعمل على تعويضها جراء الخسائر التي ترتبت عليها نتيجة أوامر الدفاع المختلفة والتي أدت الى انخفاض إنتاجها واعمالها وتوقفها في بعض الأحيان، كُلها كانت خسائر تحملتها القطاعات خاصة التي التزمت وهي الغالبية منها بدفع كافة الرواتب للعاملين لديها حتى أولئك الذين جلسوا في منازلهم بموجب أوامر الدفاع.
إلى حين إفصاح الحكومة عن كامل هذه المبادرة التي ينتظرها القطاع الخاص بشغف، يبقى السؤال الأهم هو كيفية تعويض القطاعات المتضررة بالشكل السليم والفاعل الذي يؤدي في النهاية للوصول للهدف الرئيس لتعويض تلك القطاعات.
السؤال السابق له أهمية كبرى من أجل عدم رفع سقف التوقعات بالمطالبات التعويضية من القطاع الخاص، وعدم انفلات الحكومة أيضا في الخطاب الإعلامي الفضفاض الذي قد يؤدي إلى نتائج عكسية للمبادرة.
الخزينة تعاني الأمرين، وتوفير مخصصات للتعويض هو فكرة غير تقليدية خارج الصندوق، فتخصيص مبالغ للتعويض ستكون مكلفة على الخزينة التي للأسف لا تحتمل اليوم أي تداعيات او أعباء جديدة، لأنها تسير -أي الخزينة- على نهج إصلاحي شديد الخطورة، والعيون الخارجية للمانحين والمؤسسات الدولية تراقب كُل صغيرة وكبيرة فيما يخص أداء الاقتصاد الوطني، لكن هذا لا يمنع الحكومة من تعزيز مسؤوليتها تجاه القطاع الخاص الذي تحمل غالبية تداعيات كورونا الاقتصادية.
المخصصات المرصودة للتعويضات قد لا تتجاوز الـ200 مليون دينار، مصادرها موزعة بين خزينة وضمان وصناديق مختلفة، التحدي الأكبر امام الحكومة يكمن في تكوين قاعدة معلومات دقيقة وصحيحة في آن واحد عن القطاعات المتضررة ونسبة الضرر الذي لحق بها، والأمر يختلف من قطاع لآخر، فبعضها كانت التداعيات جسيمة بكل ما في الكلمة من معنى لدرجة أنه باتت هناك منشآت شبه خاوية دون اي نشاط يذكر لها مثل القطاع السياحي والفندقي والنقل بأشكالها المختلفة والمقاهي والمطاعم خاصة السياحية منها إضافة لتعطل جزئي لبعض القطاعات الصناعية التي تراجعت اعمالها وأنشطتها الإنتاجية بشكل كبير.
من الأفضل ألا يكون التعويض مقتصرا على الدعم الخارجي خاصة القطاع الخاص الذي يحتاج اليوم الى حزمة إجراءات متكاملة لتحفيزه ودعمه بالشكل الذي يليق بالقطاع الذي تحمل مسؤوليات كبيرة خلال فترة الجائحة وما يزال يتحملها، والمقصود بذلك تذليل كافة العقبات التي تحول دون استمرارية اعمالهم وتوسعها بالشكل المطلوب، وهذا يتطلب خطة عمل تشاركية مع القطاع الخاص.
بالنسبة للجهة التي ستتولى مسؤولية التعويض وتحديده يفترض ان تكون جهة ذات علاقة واتصال مباشر بعمل القطاع الخاص وتمتلك من البيانات الدقيقة عن انشطة القطاعات وأعمالها، ولها القدرة في تتبع الانشطة المالية والاستعلام عن الاداء لتلك القطاعات بالشكل السليم والرشيد كما هو الحال لدى المؤسسة العامة للضمان او ضريبة الدخل التي تمتلك المعلومات المتكاملة عن كافة المكلفين والقطاعات وادائهم بالتنسيق مع مختلف الجهات ذات العلاقة.
التعويض الحكومي ليس للثراء كما قد يتصوره البعض، هو للمساعدة فقط في تحمل المسؤولية الاجتماعية والاقتصادية بين الحكومة والقطاع الخاص من باب التشاركية وتحمل المسؤولية، لذلك يجب الابتعاد عن الخطابات الشعوبية واللجوء للعقلانية في الطرح.

أخبار أخرى