بعد “كابوس” ترامب.. الأردن وبايدن

الأردن من دول العالم التي شعرت بالارتياح والابتهاج بفوز جو بايدن في الانتخابات الاميركية، وخسارة الرئيس دونالد ترامب – رغم عدم اعترافه وتسليمه بالهزيمة حتى الآن-.
في الغرف المغلقة لا يخفي رجال الدولة الاردنية فرحتهم بالتخلص من “كابوس” ترامب الذي أنهكهم وأتعبهم في السنوات الاربع الماضية، وشكلت سياساته الرعناء اضرارا بالغة ومباشرة بمصالح عمان الاستراتيجية.
يتحدث وزراء في الحكومة بتفاؤل عن العلاقات الشخصية المتميزة التي تربط الملك بالرئيس الاميركي المنتخب بايدن، ويشيرون الى معرفته واطلاعه على تفاصيل المشهد في الشرق الأوسط، ولهذا برأيهم لن تعيش المنطقة مرحلة التخبط والتجريب والتأزيم، بل ستعود السياسة الاميركية الى مرحلة التوازن، واعادة المسارات السياسية الى خطها الطبيعي دون انحرافات وابتزاز وضغوط.
يلخص جو بايدن رؤيته في مقال نشرته مجلة “فورن افيرز” فيؤكد على ضرورة انقاذ سمعة اميركا، واعادة احياء الديمقراطية، ويقول” ترامب مزق مصداقية السياسة الخارجية الاميركية”.
اول المؤشرات الايجابية على انفراجة العلاقات الاميركية الاردنية الاتصال الذي تم بين الملك وبايدن قبيل تسلم سلطاته كرئيس في شهر يناير المقبل، ورغم الحديث البروتوكولي عنها، فإنها رسالة تطمينات الى انتهاء “حقبة ترامب” وتعامله الفج مع الاردن، وسعيه لفرض اجندة لا تتواءم مع مصالحه، وامعانا في التأزيم لم يعين ترامب سفيرا لبلاده في عمان لما يقارب ثلاث سنوات.
لن تنقلب السياسات الاميركية رأسا على عقب بوصول بايدن الى البيت الابيض، ولكن العالم سيتعافى ويرتاح من خطاب الكراهية والعنصرية، والشرق الاوسط سيتخلص من سيادة منطق “البزنس” والمقايضات التي أدار بها ترامب العلاقة مع دول المنطقة.
أكثر ما يهم الاردن ان “صفقة القرن” التي حاول ترامب فرضها على الجميع، وتسويقها باعتبارها الحل الامثل ستسقط، او ستحفظ في الثلاجة، ولن تعطي الادارة الاميركية الجديدة شيكا على بياض للإسرائيليين ونتنياهو تحديداً، ولن يعترف البيت الابيض ويبصم على ضم اراض فلسطينية وغور الاردن، ولن يبارك بناء المستوطنات ويضفي شرعية عليها.
بعد كل ما حدث في عهد ترامب هذه استدراكات مهمة، وستعود ادارة بايدن للحديث عن حل الدولتين، ولن تتجاهل الوصاية الهاشمية على المقدسات الاسلامية والمسيحية، وستعيد دعم الاونروا، وستسمح بفتح مكتب منظمة التحرير بواشنطن، وباختصار هذا يريح الاردن ويعطيه فرصة لالتقاط انفاسه، ويرفع الضغط عنه، ويعيده الى الطاولة لاعبا بعد ان تعمدت بعض الدول القفز عنه، وتقزيم مكانته ودوره الجيوسياسي.
القمة التي عقدت في ابوظبي مؤخرا وجمعت الملك وولي عهد ابوظبي وملك البحرين لم يرشح عنها الكثير من التفاصيل، وقرأت – رغم الغياب السعودي عنها- على انها اعادة تموضع بعد الانتخابات الاميركية، وجلسة استماع لرؤية الاردن للإدارة الاميركية الجديدة ومتغيرات المرحلة باعتباره الاكثر دراية ومعرفة بها وبرئيسها.
لا يقلق الاردن اهتمام بايدن وفريقه بملف الاصلاح السياسي، وربما يشكل هذا قلقا لأنظمة عربية عديدة، فعمان تدرك ان السياسة الاميركية لن تتطرف وتذهب الى فرض تغيرات جذرية في أنظمة الحكم، ولن يعاد سيناريو الربيع العربي مرة اخرى، ولكنها اي ادارة ترامب لن تغض النظر او تسكت عن اي انتهاكات خطيرة، او ضغوط مرهقة على حرية التعبير والصحافة وعمل منظمات المجتمع المدني، وعمان في هذا السياق تنظر الى نفسها بانها تحصل على درجة ومكانة عالية في سلم الاصلاح الديمقراطي اذا ما قورنت بواقع دول الاقليم، وهذا يكفيها للاسترخاء.

أخبار أخرى