الوقت غير مبكر يا وزير التربية!

 

اعتبر وزير التربية والتعليم الدكتور تيسير النعيمي في تصريحات صحفية أن الحديث عن نمط أسئلة امتحان الثانوية العامة مبكر، مرجحا ألا يكون ذلك قبل نهاية شهر شباط من العام المقبل، أي بعد نحو ثلاثة أشهر من الآن، أي، أيضا، قبل ثلاثة أشهر من انتهاء العام الدراسي فقط.
ربما وزير التربية غير مطالب بالكشف عن طبيعة الأسئلة على الإطلاق، لو كان الظرف الذي يمر به طلبة الثانوية العامة، ظرفا طبيعيا وغير استثنائي، ولو أنهم يحصلون على تعليم وجاهي لا عن بعد، ولو أن التعليم الذي توفره الوزارة لهؤلاء الطلبة كان مثاليا، أو على أقل تقدير أقرب إلى الكفاية، ولو لم تكن هناك جائحة كورونا تعيث بنا، ولو لم تكن هناك تجربة سابقة أجبرت التربية على اجراء امتحانات التوجيهي على النمط الموضوعي، وكانت نتائجها أيضا استثنائية.
أما في حال اليوم والطلبة يدرسون عن بعد، بلا عدالة بين من يلتحقون بالمدارس الخاصة، ومن يدرسون في القطاع الحكومي، أو بلا عدالة بين الطلبة من حيث القدرات المادية على تأمين مدرس خصوصي وممن لا يستطيع ذووهم تأمين قوت يومهم، وبلا عدالة بين طلبة عمان والمدن المركزية، وطلبة القرى ممن لا تتوفر لديهم أبسط الإمكانيات للدراسة. أما وكل ذلك موجود فالوقت غير مبكر معاليك، وعليك الإسراع في إعلان كل ما يتعلق بطبيعة الامتحان.
هل يعلم وزير التربية والتعليم أن تصريحاته زادت من إرباك الطلبة، خصوصا أن منصة “درسك” التي خصصت لتأمين التعليم عن بعد للطلبة، تحتاج إلى هدم من بنيتها الأساسية، والبحث عن منظومة تعليمية أكثر ديناميكية وفاعلية، فأغلب الطلبة اليوم يعتمدون على جهدهم الخاص في فهم المنهاج ودراسته، خصوصا بعد إغلاق المراكز الثقافية التي كانت بمثابة ملجئ للبعض.
يقول الدكتور النعيمي، إن الامتحان المقبل، هو مزيج من أشكال متعددة، وإنه سيتم التوسع في نمط الأسئلة الموضوعية، مع وجود أسئلة عادية تتطلب إجابات قصيرة. أي لغز هذا الذي يتحدث عنه وزير التربية! هذا الكلام يحتاج إلى تفسير وتوضيح وشرح. الطلبة وفي ظل التحديات التي تواجههم يحتاجون إلى حديث واضح ومفهوم وعلمي يعتمدونه فيما تبقى لهم من أيام دراسية.
الوزير قال إن من حق الطلبة أن يعرفوا جميع التفاصيل من الآن، حتى يتمكنوا من تأدية اختباراتهم بالصورة التي يتمنونها، وإن التربية تتفهم قلقهم في هذا الظرف الاستثنائي. شكرا لتفهمك معاليك. لكن هذا التفهم لا نريد أن نسمعه دون أن نلمس مخرجاته، فهو يتطلب منك أن توضح لهؤلاء الطلبة ما يحتاجونه بخصوص نمطية الأسئلة وأوزانها، في وقت مبكر. ومبكر جدا أيضا، وبالتأكيد نهاية شهر شباط المقبل ليس وقتا مناسبا على الإطلاق.
لا أعلم ما هو مبرر تأخير إعلان شكل الأسئلة وطبيعتها حتى ذلك التاريخ، ولا يمكن لأحد أن يستوعب لماذا تصر وزارة التربية على إرباك الطلبة في وقت هم أحوج ما يكونون فيه إلى عون ودعم في عامهم الدراسي الأهم والذي بدأ بتعليم عن بعد، متروكين فيه للمجهول بسبب منصة دراسية ضعيفة، ولا أحد يقدر أن يخمن كيف سينتهي في ظل جائحة كورونا.
معاليك، لا نريد ألغازا نتكهن في البحث عن حلول لها، فهؤلاء الطلبة هم أولادنا، وليسوا أعداء يتربصون بنا!

أخبار أخرى