برقيات تعاكس التوقعات

 

على الرغم من كل المؤشرات الاقتصادية الصعبة في الأردن، والعالم، الا ان الحكومة ابرقت برقيات إيجابية، خلال اليومين الفائتين، وهذا الكلام يقال بشكل موضوعي، حتى لا يكون النقد، مجرد هواية، دون الإشارة الى الإيجابيات، وهي إيجابيات نريد لها ان تتزايد، وسط هذه الأجواء.
اعلان رئيس الحكومة عن عودة العلاوات لموظفي الجهازين المدني والعسكري، بداية العام الجديد، وفقا لموازنة العام 2021 امر إيجابي للغاية، اذ على الرغم من ان الكل تعرض الى اقتطاعات من رواتبهم في القطاع العام، والخاص الخاص، والاقتطاع نال من الجميع، الا ان قدرة الحكومة على الوفاء بعودة العلاوات امر إيجابي، خصوصا، ان الحكومة السابقة حين اتخذت قرار الاقتطاع، تعهدت أيضا بعودتها العام المقبل، فيما المخاوف من الوضع الاقتصادي، وموازنة العام الجديد، كانت تشيع توقعات باحتمال استمرار الاقتطاع، وهذا امر لن يحدث، مما يبث أيضا طمأنينة عامة حول وضع الاقتصاد، ومعالجات الحكومة.
ما قاله رئيس الحكومة، بشأن توسعة الحماية الاجتماعية للقطاعات المتضررة امر جيد، ونحن هنا، نريد ان تتنبه الحكومة الى امرين، أولهما ان هناك كتلة كبيرة من العمالة الأردنية، غير مسجلة في الضمان الاجتماعي، وهذه الكتلة، غير موثقة بياناتها، وغير معروفة، وكثرة منها تضررت بسبب اغلاق القطاعات، وتراجع النشاطات الاقتصادية، او خفض الأجور، ولا يجوز ان تبقى هذه الكتلة خارج مظلة الضمان الاجتماعي، مثلما لا يجوز ان تستثنى من أي تدابير، وقد آن الأوان ان تكون لدينا داتا كاملة وتفصيلية حول سوق العمل، من هو مسجل في الضمان، ومن هو خارج الضمان، ومن هو عاطل عن العمل أيضا.
الامر الثاني يرتبط بأضرار القطاعات الاقتصادية التي تم اغلاقها كليا، فهي قطاعات مهددة بأغلاق كامل، خصوصا، مع نهايات العام الجاري، ولو كانت عاملة بشكل طبيعي، لما ناشدت وطالبت بالإعفاء من الرسوم، او الترخيص وغير ذلك، ولما اضطرت للتخلص من موظفيها، وخير ما تعمله هذه الحكومة لهذه القطاعات، إعادة النظر بتوقفها عن العمل، وأيضا النظر في إمكانية تمويلها ماليا بقروض دون فوائد، إضافة الى عودتها للعمل، فنحن امام قطاعات واسعة متضررة، من قطاع السياحة والسفر، مرورا بصالات الافراح، وصولا الى قطاعات المقاهي، وحتى مراكز التعليم، وغير ذلك، وخير مساعدة يمكن ان تقدمها الحكومة، هي فك الانجماد عن هذه القطاعات، مع تدابير دقيقة لضمان عدم تمدد العدوى بسبب الوباء.
برغم التوقعات فاننا امام عام صعب اقتصاديا، أي العام المقبل، بسبب التراجعات الداخلية والخارجية، الا ان علينا ان لا نستسلم لهذا الوضع، ابدا، فالموج العالي سوف يسحب المركب الاقتصادي، مالم يتم وضع خطة لتخفيف الاضرار، ومنعها، وحتى الدول الأكثر غنى من الأردن، لا تستسلم للواقع، وتدير كل المشهد، بشكل يراعي التدابير الصحية، والواقع الاقتصادي، وعلى هذا من المفترض ان تعلن الحكومة عن برنامجها التفصيلي الذي سبق وتعهدت ان تعلنه بعد ثلاثة شهور من امساكها لهذه الملفات، بعد تكليف الحكومة.
الان هناك تطلع بشكل واسع، للخروج من ازمة كورونا، حتى لا نبقى في فلك الازمة، التي ارهقت الحكومة السابقة، خلال شهورها الأخيرة، اذ لا يعقل ان نبقى في فلك الازمة، وعلينا ان نحرر انفسنا قدر الإمكان من تأثيراتها الصعبة، التي يجب ان تعالج قبل نهاية العام، كما ان الحكومة التي أعلنت ان لا ضرائب جديدة في العام الجديد، عليها أيضا، ان تتنبه الى ملف البطالة وخسارة الوظائف مع نهايات العام الجاري، واحتمالات تصفية المصالح التجارية، وهي قضايا معروفة، ومشهورة، وليست سرا، لكنها بحاجة الى معالجة، كون تشخيص المشاكل، ليس بحاجة الى معجزة فهي واضحة، تماما، واشبعها الجميع شرحا وتفصيلا.
برقيات الحكومة حول رد العلاوات، وعدم فرض ضرائب جديدة، وتدابير الحماية الاجتماعية، والتوقعات حول العجز، لم تكن سلبية، بل عاكست التوقعات، وهو امر لا يكرهه احد، ولا يرفضه احد فينا، فكل واحد فينا يريد لهذا البلد، ان ينجو دوما، وان يبقى كما نحب له ان يبقى.

أخبار أخرى