الرئيس الأميركي بين إيران وإسرائيل

 

التوجس في إسرائيل في أعلى درجاته، بشأن السياسة الأميركية الجديدة، تجاه إيران، وهي سياسة تغيرت ، تماما، منذ ان انسحب الرئيس الأميركي المنتهية ولايته، من الاتفاق النووي الإيراني، العام 2018، في ظل تذمر أوروبي بسبب الخسائر الاقتصادية.
لعبة الوقت تفرض نفسها الآن، فالرئيس الجديد كان قد تعهد بالعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، لكنه ليس تعهدا مفتوحا بلا شروط، إذ أن الرئيس الجديد كان قد صرح أن بلاده ستعود إلى الاتفاق النووي مع إيران إذا عادت طهران للالتزام به أولا على أن يتصدى بفاعلية أكبر لأنشطة إيران الأخرى، وهو يقصد هنا ضمنيا التمدد الإقليمي، وملف الصواريخ الإيرانية.
يبلغ مخزون إيران من اليورانيوم المخصب، الذي كان سيقل عن 300 كيلوغرام بموجب الاتفاق، أكثر من 2440 كيلوغراما وفقا لأحدث تقرير دولي، وهذا يعني أن مخزون إيران، قد يصبح شرطا جديدا، من حيث مصادرته للعودة إلى الاتفاق النووي، وسط تقديرات تتحدث عن كون هذه الكمية قد تكفي لصنع سلاحين نوويين ، كما تقوم إيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 4.5 بالمائة، وهي نسبة أعلى من المسموح به بموجب الاتفاق.
هذا يعني ان العودة الى الاتفاق النووي القديم، لن تكون متاحة، دون اشتراطات أميركية جديدة، خصوصا، في ظل المعركة التي بدأ اللوبي الإسرائيلي بخوضها بشأن هذا الملف، تحوطا من اندفاع الرئيس الجديد نحو إيران، معاكسا سلفه، لكن الواضح حتى الآن، ان الرئيس الجديد قد يلجأ الى نسخة جديدة معدلة من الاتفاق النووي الإيراني، إذا قبل الإيرانيون هذه التعديلات، وهذا أمر غير محسوم، برغم رغبة الأوروبيين أيضا بالوصول إلى تسوية، من أجل مصالحهم في إيران، خصوصا، في ظل التراجعات الاقتصادية العالمية.
طبول الحرب الإسرائيلية ضد إيران تلخصت بما قاله رئيس حكومة الاحتلال، الذي قال إنه يتعين عدم العودة للاتفاق النووي الذي عقدته عواصم العالم مع إيران العام 2015 وانسحبت منه الولايات المتحدة، ويتعين ألا تكون هناك عودة للاتفاق النووي السابق، مضيفا انه يجب أن يتم التمسك بسياسة لا تلين للتأكد من أن إيران لا تطور أسلحة نووية، والمؤكد هنا، ان الحملة السياسية الإسرائيلية ستكون أوسع ضد الرئيس الجديد، وضد إيران، في حال تمت العودة للاتفاق القديم، بنسخته القديمة، خصوصا، ان واشنطن تخلت عن الاتفاق، في الوقت الذي كانت فيه إيران لم تصل الى مستويات التخصيب الحالية، فما بالنا بالوضع الحالي؟.
هذا يعني اننا أمام سيناريو مختلف، قد يطلب فيه الأميركيون العودة للاتفاق ضمن تعديلات جديدة، واشتراطات بشأن ما وصل إليه البرنامج، ولا أحد يعرف إذا كان ملفا تصنيع الصواريخ والتمدد الإقليمي، سيكونان جزءا من صفقة مع الإيرانيين، في ظل توقعات مختلفة بشأن التجاوب الإيراني، خصوصا، مع المصاعب الاقتصادية التي تواجهها طهران، وهي مصاعب لم تخفف من نبرة الإيرانيين، ولا أضعفت برامجهم.
علينا التوقف عند ما قاله المبعوث الأميركي الخاص لشؤون إيران، مؤخرا، حول استمرار حملة الضغط بالعقوبات على طهران في ظل إدارة الرئيس الجديد، حتى في الوقت الذي تعهد به الرئيس المنتخب بإعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي مع القوى العالمية، خصوصا، ان العقوبات وفقا لمنطوق الرجل -الذي قد لا يبقى في موقعه مع الإدارة الجديدة- تستهدف إيران بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وبرنامج الصواريخ طويلة المدى، ونفوذها الإقليمي.
هذا يعني ان القصة ليست سهلة، إذ أن هناك تعقيدات تريد الضغط على الموقف، فلا واشنطن قادرة على العودة إلى النسخة الأولى من الاتفاق، بعد التطورات في عمليات التخصيب، ولا الاحتلال الإسرائيلي يريد أي اتفاق الا ضمن تكييف محدد، فيما الإيرانيون، وعلى لسان وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف قالوا إنه في حال قرر الرئيس الأميركي الجديد العودة للاتفاق النووي وتنفيذ بنوده، فإن طهران يمكنها العودة فورا لتنفيذ التزاماتها في الاتفاق، وأن واشنطن لا يحق لها وضع شروط مسبقة، ولا خيار أمامها سوى العودة لطاولة المفاوضات، مشترطا رفع العقوبات عن بلاده أولا.
نحن أمام مكاسرة دولية إقليمية، ولا نعرف من سيخرج منها رابحا ام خاسرا، لكن الذي نعرفه ان العام 2021 سيكون عاما لقصة إيرانية أميركية إسرائيلية إقليمية جديدة.

أخبار أخرى