نظرية المؤامرة هذه المرة أيضا

 

تقرأ تعليقات كثيرة، بعضها مثير للضحك حقا، وبعضها يؤشر على منسوب الهزيمة النفسية، في الانسان العربي، واغلب التعليقات العربية، تجمع على رفض تلقي أي لقاح جديد.
رفض أي لقاح ضد الوباء، ليس امرا عربيا وحسب، إذ إن هناك شعوبا كثيرة، ترفض تلقي اللقاحات، وهناك دول شهدت مسيرات تندد بأي محاولة لإجبار الناس على تلقي اللقاحات، ولكل شعب أسبابه، وتفسيراته، لكن الرفض ليس عربياً بل نراه لدى شعوب ثانية.
وحدنا العرب نتحدث عن نظرية المؤامرة في اللقاحات، وليس عن الآثار الجانبية المحتملة التي قد تضر الصحة من أي لقاح، وبعض التعليقات حول اللقاحات المنتجة تقول انه مؤامرة صهيونية، حتى نصبح أتباع الأعور الدجال، وبعضها يتحدث عن مؤامرة لنتحول الى شعوب لا تغار، وتعليقات تقول ان هذه التعليقات تقطع النسل، وتعليقات تقول انها لقاحات قد تحول الذكر الى انثى بعد عشرة أعوام، والتعليقات هنا، وصلت حد اعتبار اللقاح دواء شيطانيا سيتم ارفاقه بأجهزة تحكم وشرائح وتتبع، لمعرفة ماذا يفكر العربي، وماذا يخطط أيضا؟.
لماذا نعيش بهذه الطريقة، ونظن ان كل العالم يتآمر علينا، من دون شعوب الكرة الأرضية، فنحن في الأساس، في أسوأ أحوالنا، وماذا سيفعل اللقاح، اكثر مما نحن فيه، وهل مع اللقاح سنكون أسوأ من حالنا الذي نراه على كل المستويات؟.
كل شعوب العالم الحية، تتسابق من اجل انتاج لقاح جديد، وتخليص البشرية، من هذا الكابوس، لكننا وحدنا الذين ننتظر هذا الفرج، وفي الوقت نفسه، نظن ان كل الأمم تتآمر علينا، فلا تعرف لماذا سيتآمرون علينا، ولماذا سنكون نحن من دون البشرية ضحايا لهذا اللقاح؟.
حتى الشركات المنتجة تم انتاج فيديوهات غربية وعربية، حول مشاكل منتجاتها الطبية، والتعويضات التي دفعتها في وقت لاحق، بسبب أخطاء في التصنيع، او غش في بيانات بعض الادوية، او بسبب الاضرار الجانبية، وهذه الحرب على اللقاح، غربية عربية، ممن يعشقون نظرية المؤامرة السرية في سراديب الماسونية المعتمة، وفي الطوابق السفلى تحت الأرض.
الانسان العربي يقاوم كل تغيير، فلم يقبل التلفزيون في البدايات، ورفض كثيرون إدخاله، مثلما رفضنا مطاعيم الأطفال، ضد الحصبة او الشلل، ثم لحقنا بقية الأمم، لكن ببطء غريب، ولن يكون مفاجئا، ان ترفض شعوب عربية كثيرة، أي محاولات للتطعيم باللقاح الجديد، وكل انسان سيقول لك انه بطل وانه لن يتلقى أي لقاح وسينتظر ماذا سيحدث لغيره اذا تلقى اللقاح، وهذه هي المشكلة التي قد تقفز في وجه أي لقاح جديد، أي غياب الثقة، والاعتقاد ان هناك مؤامرة على الجنس العربي، حتى يبيد ويختفي عن وجه الأرض.
ربما أتفق مع الحذرين في امر واحد فقط، أي مأمونية أي لقاح، خصوصا، ان بدايات تلقي اللقاح ستكون صعبة، وسينتظر كثيرون، نتائج تلقي اللقاح ممن يعرفونهم، واذا ما كانت أجسادهم قد احتملت هذا اللقاح او تعرضوا لأعراض جانبية، ولو عدنا وحللنا مئات آلاف التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي، عبر أنظمة التحليل الالكترونية لوجدنا ان نبرة اغلبها سلبية، وترفض تلقي اللقاحات، إما إحساسا انها مؤامرة، او خوفا من الآثار الجانبية.
القصة باتت معقدة جدا، العالم يقف على قدم واحدة، وينتظر أي لقاح مأمون، والشركات والدول تتنافس حتى تحصد النجاح والمليارات، فيما نحن في الشرق الأوسط، ندفع كلفة الوباء، ويتحكم بنا العالم، طبيا، عبر انهماكه بالبحث عن لقاح، ووسط هذه الأجواء، لا تسمع الا إصرارا على رفض اخذ اللقاح، من كثيرين، مع الإشارة هنا، الى وجود شجعان عرب تطوعوا واخذوا لقاحات تجريبية من اجل انقاذ البشرية، بدلا من حال التشكيك العدمي، التي نراها سائدة بين العرب عموما، دون سبب سوى ظننا اننا مستهدفون.
نظرية المؤامرة، هي النظرية الأولى في العالم العربي، إذ إن اغلبنا يعتبر ان كل قصة كورونا مؤامرة، وان كل قصة اللقاح بالتالي، مؤامرة، وبينهما لا نمتلك نحن زمام الأمور، لا في صد المؤامرة، اذا كانت مؤامرة حقا، ولا في سباق إنقاذ البشرية من المؤامرة أيضا.

أخبار أخرى