أحد أبرز أسباب تغيير الحكومة السابقة، أي حكومة د.عمر الرزاز، إضافة الى الاستحقاق الدستوري، الذي يفرض استقالة الحكومة، التي تحل البرلمان، كان الرغبة بتجديد الأجواء في عمان، وتكليف اسم جديد، مع فريقه، لزيادة الجرعة المعنوية ورفع الامل لدى الناس.
لهذا السبب أيضا، خرج وزراء ناجحون ولامعون، لم يفشلوا، لكن اريد عبر تغييرهم، فك ارتباط الناس، بأزمة كورونا، وتغيير الوجوه والشخوص، في محاولة لإخراج الأردن من دوائر ازمة كورونا، والتخفيف من الحدة التي ضربت المعنويات، مع وجود حسابات لاحتراق رصيد بعضهم، او تضررهم الكلي، او الجزئي، وانقلاب الرأي العام، وتحوله من معجب الى منتقد او ناقم، وهكذا كان لا بد من تفريغ بئر الماء، من المياه التي تجمعت به، وباتت عكرة، او اسودت، او تختلط بها الشوائب، وتعبئة البئر من جديد، لعل الضغط النفسي، يخف عن الناس، ويتم فك الأردن، من ازمة كورونا، واستعادة البلد، نحو اجندته الطبيعية.
سببان اذاً رحَّلا الحكومة السابقة، ما يفرضه الدستور، والحاجة لتغيير المناخ والخروج مما يمكن وصفه بحكومة كورونا، حيث كان هذا حال الحكومة السابقة خلال الشهور الأخيرة، قبيل رحيلها، بسبب الازمة، والتداعيات الثقيلة التي مست كل القطاعات.
هل تحققت الغاية الثانية الان، واستطاعت الحكومة الجديدة، اخراج البلد، من طاحونة كورونا، واستردت طبيعتها ولو جزئيا، ام اننا ما زلنا في ذات الطاحونة نلف وندور؟
على الاغلب، لم تتمكن الحكومة الحالية، على الرغم من قصر المدة من يوم القسم في الثاني عشر من تشرين اول (اكتوبر)الفائت، على الخروج من طاحونة الازمة، فهي ما تزال أولا في بداية مشوارها، وورثت ملفات ثقيلة، ليست من صنعها، بل تعد موروثة ومتراكمة من حكومات سابقة، كما انها ما تزال تحاول الانفكاك من هذه الازمة، لكنها لا تنجح حتى الان، وعلى الاغلب لن تنجح الشهور المقبلة، فالحكومة تواجه ذات الازمة، والوباء يشتد، والقطاعات التعليمية والاقتصادية والصحية متضررة، بل ان الكلفة ارتفعت اكثر.
هذا يعني ان الغاية من تغيير الحكومة السابقة، أي تجديد الأجواء، لم تتحقق، وستصبح هذه الحكومة أيضا، حكومة كورونا 2، بعد ان كانت حكومة الرزاز في شهورها الأخيرة حكومة كورونا 1، وبكل أمانة فان الازمة هنا، لا تقدر عليها أي حكومة، لأننا نرى ان المعالجات منخفضة التأثير، وقد بتنا امام نمطين، اما اغلاقات جزئية ومنتقاة لقطاعات، واما الحظر الشامل الكلي الممتد زمنيا، والحكومة تختار الطريقة الأولى كونها اقل كلفة، فقط.
للأسف الشديد، لن تكون الحكومة الحالية قادرة على العودة بالأردن الى الوضع العادي، فهي لن تستطيع انعاش قطاعات كثيرة، مثل السياحة، ولن تتمكن من العودة بالتعليم الى وضعه العادي، وستواجه مصاعب في إدارة الملف المالي، مع نهايات العام الحالي.
هذا يعني ان الازمة مستحكمة، وان كل قرار، او تصور، او خطة، يصطدم بالوباء، وتأثيراته، بحيث اصبح الحديث صعبا، عن عودة الأردن الى ما قبل الوباء، وهذا امر قد تحاول الحكومة تجنبه، لكنها لن تتمكن، فقد بات الوباء، يفرض نفسه حتى على إشارة المرور.
النتيجة هنا، تقول ان الغاية الأولى من التغيير الذي حصل، أي الاستحقاق الدستوري، تحققت، اما الغاية الاخرى، أي فك ارتباط البلد بالوباء، والعودة الى ملفات كثيرة أساسية، لم تتحقق، واذا كانت الحكومة الحالية غيرت وجوه رموز الازمة، من اجل اراحة أعصاب الأردنيين، وتصنيع جو خارج كورونا، الا اننا بكل صراحة، فقدنا الخبرات، وانتجنا نجوما جديدة، في كل المجالات، يدورون أيضا حول كورونا، فقد باتت ام المعارك، وبداية النهايات في الكون.
الغاية الاخرى من التغيير كان من الممكن الالتفاف عليها، عبر عدم حل البرلمان، وتسليم مجلس لمجلس، واجراء حكومة الرزاز للانتخابات، الا ان الذي حسم ليس الاستحقاق الدستوري، فقط، بل الحاجة الى تغيير الأجواء، والخروج من جو الازمة، لكن الذي نراه اليوم، يثبت ان حكومة الخصاونة تدور في فلك حكومة الرزاز، وكلاهما لا أثم عليه، ولا عدوان، فالأزمة اكبر من الحكومتين، وكلاهما يحاول الفرار من كورونا، لكن كورونا اقوى من الجميع.
سنصبر، ولن نستعجل، لكن الليلة السعيدة، تظهر مؤشراتها من العصر.. أليس كذلك؟