يلفت الانتباه كثيرا، عدم احترام الناس لما يمكن وصفه بتعليمات الحرب على كورونا، ولا كأننا نرى كل هذه الانهيارات في العالم، فوق ضعف المتابعة الرسمية لهذه المخالفات.
إذا لم يتسرب مقطع فيديو لأي مخالفات قرب موقع تجاري، أو تجمع انتخابي، فإن كل شيء سيمر دون سؤال أو جواب، وكأننا هنا بحاجة الى أن نراقب بعضنا بعضا ليل نهار، وهذا أمر صعب للغاية، إلا أننا أيضا ندرك أن كلفة الاستهتار بالوباء سندفع ثمنها جميعا، والمفارقة أن الذين يطالبون بعدم العودة للحظر الشامل، لا يريدون المساعدة ولو بأي جهد، وكل ما هو مطلوب هو كمامة، وخفض الاختلاط، واختصار كثير من المشاوير واللقاءات، وهذا أسهل بكثير من العودة للحظر الشامل، الذي لا تريد الحكومة العودة إليه حتى نهاية العام الحالي، فالحظر الشامل كارثة اقتصادية وإنسانية بكل ما تعنيه الكلمة من مرارة.
خذوا مثلا الحملات الانتخابية، فهي تحت إشراف الهيئة المستقلة للانتخاب، وأغلب المقرات الانتخابية تشهد مخالفات، من حيث عدد الموجودين، وعدم التباعد، وعدم الالتزام بالتعليمات الصحية، والهيئة تتخذ إجراءات ضد من يخالف اذا علمت عن ذلك، لكن أغلب الحالات لا تعلم عنها الهيئة، وكأننا في النصف الثاني من شهر تشرين الثاني؛ أي بعد الانتخاب نجهز أنفسنا لكارثة صحية، بسبب هذا الوضع، وما قد يشهده يوم الانتخابات من نقل بالحافلات للناخبين فوق بعضهم بعضا، ثم التجمع أمام مراكز الفرز، وعند إعلان النتائج، والتجمع فرحا أو احتجاجا، وهذا كله يعني أن على الهيئة تغيير طبيعة الإجراءات التي تتخذها.
لا بد من الإبلاغ رسميا، عن مواقع المقرات الانتخابية، ولا بد من مراقبة هذه المقرات، واتخاذ إجراءات كبيرة قبل الانتخابات بيوم، ويوم الانتخابات وعند الفرز وإعلان النتائج، وإلا سنخرج ببرلمان تكون أولى إنجازاته تعميم الوباء على كل الأردن، دون أي شفقة.
إذا تدخلت الحكومة هنا، قد تحتج الهيئة المستقلة للانتخاب، فهذا ملفها، لكن علينا أن نعترف هنا، أنه لا يمكن فك الاشتباك بين الصحي والانتخابي، إلا بتعاون كل الأطراف معا، ووضع خطة مختلفة للأيام القليلة المقبلة، وقد بدأت منذ الآن الإشاعات حول قرارات بفرض حظر شامل ليومين أو ثلاثة أيام بعد يوم الانتخابات، من باب التحوط، والجهات الرسمية تنفي هذا الكلام، لكن علينا أن نعترف أن ترك عملية التحشيد للانتخابات، دون ضوابط أو رقابة، وانتظار شكوى، أو فيديو، من هنا أو هناك، سيأخذنا الى نتيجة خطيرة جدا، أمام مئات الآلاف من المشاركين في العملية الانتخابية، وأمام الحشود التي سوف تتجمع وتدير العملية.
بعيدا عن كون ملف الانتخابات للهيئة المستقلة وليس حكوميا، إلا أن الجانب الصحي يعد ملفا حكوميا، وهذا يعني بشكل واضح أن على الحكومة والهيئة التنسيق معا، إما لتغيير تعليمات المقرات الانتخابية، أو التحشيد هذه الأيام أو يوم الانتخابات، وعلى الحكومة أن تفرض تعليماتها، وأن تعلن عن تعليمات للرقابة لكل هذه النشاطات، ومن دون ذلك ستأخذنا الانتخابات النيابية، الى وضع مأساوي، علينا أن لا نتعجب منه، بعد الانتخابات بأيام حيث تبدأ العدوى بالظهور على نطاق واسع، وعندها لن ينفع اللوم، ولا العتب.
كون الهيئة المستقلة للانتخاب، مستقلة، لا يعني أنها جزيرة مستقلة، وهي بلا شك متشددة في التعليمات، لكن الأهم متابعة هذه التعليمات، وتنفيذها فعليا على أرض الواقع، حتى لا تدفع الحكومة والناس، الكلفة الصحية، لملف الانتخابات النيابية، مع تزامن موسم الشتاء أيضا.
ما يزال الوقت متاحا، لاتخاذ تدابير إضافية، حتى لا تتنزل علينا الفاتورة الأصعب.