عنجد .. بكفي!

 

“وبعدين”، كلمة تقال بالعامية عندما يضيق الأفق وتنعدم الحلول، ويكون مطلقها قد وصل حد عدم الاحتمال، وهي كلمة تتوافق مع مفردة “يكفي”، لذلك نقول بكل نفاد صبر: يكفي تخبطا في إدارة ملف “كورونا”، ويكفي ترهلا إداريا، وغياب الرؤى، ويكفي ترددا وتضاربا في التصريحات وتشعب المرجعيات. أو لم ندرك بعد المدى الذي بلغناه في تردي القطاع الصحي؟!
هل يعقل أننا غير قادرين على الوصول إلى حلول حتى هذه اللحظة؟! لا أسأل هنا عن أرقام إصابات كورونا التي استوطن فيروسها بالأمس في صدور 3800 أردني، وقتل 44 مواطنا، ولا أنجم بشأن التوقعات بزيادة هذه الأعداد تواليا، فهذا مصير حتمي في ظل السياسات التي تنتهجها الحكومة اعتقادا منها أنها على صواب، ولا أريد الخوض في “التفاصيل” لأن معطيات وإحداثيات ما هي من تدفع الحكومة لاعتماد هذه السياسة، وعلى رأسها البعد الاقتصادي.
لكن ما أتساءل بشأنه، وأبحث عن إجابة عنه، إجابة تكون حقيقية، شفافة، ومنطقية وشافية: هل سنبقى نتفرج على القطاع الصحي وهو يئن تحت وطأة الترهل والاستهتار في التعامل مع المصابين، وهل سنبقى نراقب نقص الكوادر في نظامنا الصحي بأكمله، خصوصا أن زيادة الأعداد تعني أن هناك حاجة ملحة لغرف عناية مركزة أكثر، وكادر طبي وتمريضي أوسع، وإلى أجهزة تنفس اصطناعي!!
نتحدث بهذا الكلام اليوم، بينما نضع أيدينا على قلوبنا خوفا من أن نواجه في المستقبل القريب موت المرضى في ردهات المستشفيات قبل أن تتم معاينتهم، بسبب عدم توفر الكوادر والأجهزة، إنه احتمال خطير، ويعصف بهدوئنا واستقرارنا.
نظامنا الصحي اليوم يعيش أزمة غير مسبوقة، فالمستشفيات تزدحم بالمرضى، سواء المصابون بكورونا، أو ممن يعانون من الأمراض المزمنة، أو من هم في حاجة إلى خدمات طبية لأمراض أخرى، أو تدخلات عاجلة. لكن أعداد المراجعين باتت تفوق الطاقات الاستيعابية لتلك المستشفيات، ما يضعنا أمام حقيقة أن التخبط في إدارة ملف كورونا بات يؤثر بشكل خطير على المنظومة الصحية بأكملها، وهو تأثير جدي يحرم المرضى من تلقي الرعاية الصحية اللازمة، وفي هذا انتقاص سافر من حق أساسي للإنسان بشكل عام، وللمواطن على وجه الخصوص.
ثمة تساؤلات عديدة يطلقها مختصون ومراقبون حول إدارة هذا الملف الحساس، أولها عن الترهل الإداري الذي يتبدى واضحا في القطاع الصحي، والذي يتوجب أن تتم معالجته سريعا، حتى لو اقتضى الأمر خضوعه إلى مركزية صارمة لا تسمح بالاجتهاد أو الخروج أبدا عن النص، خصوصا ما يتصل منه بمعالجات إصابات كورونا، والموازنة بينها وبين استقبال ذوي الأمراض الأخرى.
في سياق التساؤلات نفسها، وفي ضوء اعتراف وزارة الصحة بنقص أخصائيي العناية الحثيثة، ونقص الكوادر البشرية الأخرى، والغرف والأسرة، نتساءل: لماذا لا تتم الاستعانة بالمتقاعدين من الأطباء والممرضين، وهم الذين ما يزالون يمتلكون المعرفة والمهارات اللازمة للتعامل مع المرضى، ولماذا لا تتم الاستعانة بالمستشفيات الخاصة ضمن اتفاقية منصفة للقطاعين، لتخفيف الأعباء الكبيرة التي يتعرض لها القطاع الحكومي؟!
لماذا لا توجد جدية في محاسبة من يخالف إجراءات السلامة العامة من مؤسسات وأفراد وشركات، محاسبة فاعلة ومؤثرة ورادعة، خصوصا أن الحكومة تملك أدوات ذلك عبر تفعيل قانون الدفاع؟!
أسئلة أطرحها أنا وغيري، ونحن نراقب حالة من عدم المبالاة، أو الاستسلام الحكومي تجاه الحالة الوبائية التي تستشري مع مرور الأيام، بينما الثابت أننا نسير من دون أي خطة واضحة للتعامل مع سيناريوهات الوباء، بما أصبح يشكل خطورة واضحة على أمننا واستقرارنا وثقتنا بأجهزتنا الحكومية!

أخبار أخرى