سلامة الدرعاوي
ليس من السهل على حكومة الخصاونة ان تعيد ترميم جدار الثقة مع المواطنين الذين عانوا الأمرّين من وعود حكومية بتحسين الاوضاع وتعزيز الإصلاحات لتذهب جميعها أدراج الرياح.
المواطن معذور في عدم تصديقه للخطاب الرسميّ في مختلف القضايا والشؤون خاصة الاقتصادية منها فغالبية وعود الحكومة ونواياها الإصلاحية في هذا الشأن بقيت سرابا لا أكثر، وعلى العكس كانت النتائج على أرض الواقع من الناحية الاقتصادية أسوأ من قبل، فالمديونية تضاعفت، والعجز المالي ارتفع كثيرا، والنمو الاقتصادي في تراجع، والقوة الشرائية هي الأخرى في هبوط، والأمن المعيشي في تدهور متسلسل، والبطالة في ازدياد من عام لآخر، بعد ان تضاعفت خلال خمس سنوات تقريبا لتصل إلى 23 بالمائة وهي مرشحة لتجاوز هذا الرقم قريبا، وجيوب الفقر ارتفعت هي الأخرى، ناهيك عن ان الكثير من العاملين سواء الأعمال النظامية ام المياومة خسروا أعمالهم أو انخفضت دخولهم.
هذه كُلّها محصلات فشل الإدارة الرسمية في إدارة الاقتصاد الوطني والتصدي لمعالجة التشوهات الاقتصادية التي باتت اختلالا مزمنا خاصة على صعيد الموازنات.
هذه المؤشرات السلبية السابقة تضع الحكومة في مأزق وتحذير في آن واحد لمواجهتها والاقتراب اكثر واكثر من المواطنين، واستعادة الثقة المفقودة شيئا فشيئا.
الحكومة مطلوب منها عدة خطوات لترميم جدار الثقة الذي لا يكون بالخطاب التنظيري، وإنما يكون بالإصلاح الحقيقي والإنجاز على أرض الواقع.
محاربة الفساد واسترداد الأموال وهذا لا يكون من خلال الاعتداء على بيت الأعمال وانشطة القطاع الخاص، وإنما يكون بالضرب بيد من حديد لكل من سولت نفسه بالاعتداء على المال العام وخاصة في القطاع العام الذي يسعد بعضه انه بات محصنا من المساءلة، وهنا يجب أن تأخذ العدالة مجراها وان تكون المسطرة في التعامل على الجميع دون استثناء مهما كانت مناصبهم.
إحقاق الحق في التعيينات العامة والتي طالما كانت دائما محط انتقاد الشارع لعدم قناعتهم بأسسها، ولاعتقادهم أنها خارج أطر الشفافية والمكاشفة والإدارة الرشيدة في اختيار الموظفين خاصة من الفئات العليا.
تعزيز دولة القانون في كُلّ الممارسات والإجراءات وعدم الاختباء وراء مجموعات وشعبيتها الزائفة لا تخدم سوى الأطراف الضيقة لمنتفعيها مبتعدة بذلك عن المصلحة العليا للدولة.
الاقتراب أكثر من القطاع الخاص وذلك من خلال الشراكة الحقيقية والفعلية وليست الشراكة النظرية، فلا تنمية ولا نمو دون ان يكون القطاع الخاص رائدا في اعماله وانشطته، والحكومة مطالبة في ظل هذه الاجواء الدخول مع القطاع الخاص بحوارات حقيقية تفضي في النهاية إلى تفاهمات واقعية لمشاكله التي يعاني منها والتي تؤثر على استمراريته في المديين القريب والمتوسط، فالأساس من الحكومة ان تنصب جهودها في المرحلة الراهنة على الحفاظ على المستثمر المحلي قبل ان تبحث عن غيره في الخارج، فهو الأساس في كُل شيء اقتصادي.
السلطة التشريعية لها دور كبير مع الحكومة في ترميم جدار الثقة مع الشارع، فإذا أفضت الانتخابات إلى نواب يركضون وراء مصالحهم الشخصية كما كان بعضهم في السابق، فإن ذلك الآخر سيزيد الاستياء في المشهد العام، ويؤثر سلبا على على العلاقات بين السطات وبين المواطنين.
مواصلة الحملات الإصلاحية وتحقيق العدالة مثل عمليات مكافحة التهرب الضريبي والقبض على ” الزعران” وبطريقة مؤسسية وليس كما يعتقد البعض أنها مرحلة مزاجية لا أكثر تنتهي بعد أيام قليلة، هذا يجب ان يستمر ضمن النهج الإصلاحي الحكوميّ المستدام.
الطريق طويلة أمام الحكومة في استعادة الثقة لكن المسألة ليست مستحيلة اذا ما توفرت الإرادة الحقيقية لذلك مدعومة بخطة إصلاحية شاملة.