فهد الخيطان
يبدي الرأي العام تفاؤلا حذرا حيال قدرة حكومة الخصاونة على تحمل مسؤوليات المرحلة المقبلة، وتشاؤما من الوضع الاقتصادي في المستقبل.
هذا ما أظهرته نتائج استطلاع الرأي لمركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية بمناسبة تشكيل حكومة الدكتور بشر الخصاونة.
بمقارنة نتائج الاستطلاع”الخصاونة” مع استطلاع”الرزاز” عند تشكيل الحكومة، وهو ما درج المركز على القيام به عند تشكيل الحكومات، تبدو النتيجة لصالح حكومة الرزاز، لكن ذلك يحتاج لتفسير.
الدكتور عمر الرزاز شكل حكومته على وقع حركة احتجاج سلمي في الشارع. وكان تغيير الحكومة بحد ذاته وبصرف النظر عن هوية الرئيس الجديد كفيلا برفع سقف التوقعات لدى الرأي العام الذي شعر حينها بقدرته على إحداث الفرق وتحقيق الأهداف التي خرج لأجلها وفي مقدمتها إقالة الحكومة التي سبقت حكومة الرزاز.
ورغم هذا الانجاز فإن تشكيلة الرزاز في حينه حظيت بثقة أقل من تشكيلة الخصاونة عند أفراد العينة الوطنية تحديدا، وبنفس العلامة تقريبا عند أفرادعينة قادة الرأي.
حكومة الخصاونة تشكلت في ظروف بالغة الصعوبة. لقد تمكنت حكومة الرزاز وبإسناد كبير من مؤسسات الدولة من تقديم نموذج متقدم في إدارة أزمة كورنا في بدايتها، وحظيت بثناء شعبي كبير ترجمته استطلاعات الرأي العام في ذلك الحين.لكن بعد الانتكاسة الكبرى على يد حكومة الرزاز وتفشي الوباء بشكل واسع في الأشهر الأخيرة، وتسجيل تراجع ملموس في شعبية الحكومة ومستوى الثقة فيها، حدث التغيير الحكومي كاستحقاق دستوري.
حكومة الخصاونة ورثت تركة ثقيلة؛ تمثلت بالوضع الوبائي المتدهور، والأوضاع الاقتصادية السيئة والمفتوحة على مزيد من المخاطر وفي مثل هذه الظروف لم يكن متوقعا أن تحظى أية حكومة جديدة بثقة عالية.
إن الشعور العام بسوء الأوضاع الاقتصادية، ناجم بالدرجة الأولى عن تداعيات أزمة كورونا، والمقاربات التي انتهجتها الحكومة السابقة في معالجة ملفات الاقتصاد، قبل وبعد الأزمة. ومن الطبيعي في مثل هذه الحالة أن تدفع الحكومة التي تشكلت حديثا ثمن تلك السياسات من شعبيتها، إلى أن تتمكن من تقديم برنامج فعال لمعالجتها يلمس المواطن أثره في التطبيق.
أما الملاحظات التي أوردها الرأي العام على تشكيلة الخصاونة ودفعت به إلى تشكيل انطباعاته حيالها، فهى الأخرى موروثة من زمن الحكومات الأردنية كلها، فما من تشكيلة وزارية جديدة تحظى برضا كبير عند النخبة الأردنية”قادة الرأي” ما دامت لم تشمل الجميع ببركاتها. هذا هو حال السياسة في الأردن، ولن يتبدل إلا بتغيير جوهري على أسلوب تشكيل الحكومات.
ورغم صعوبة الموقف على مختلف المسارات، إلا أن أغلبية الأردنيين تثق بقدرة الحكومة على إدارة ملف كورونا، وهذا بحد ذاته مفتاح مهم لتحسين المزاج العام وقلب التوقعات في الاستطلاعات المقبلة.
لكن ذلك وحده ليس كافيا، فالاقتصاد مايزال يشكل أولوية أولى للأردنيين،خاصة مع تردي الأوضاع في الأشهر الستة الماضية، وارتفاع معدلات البطالة والفقر، ولذلك يتعين على الحكومة أن تبدأ على الفور بتجهيز خططها وبرامجها لاحتواء مخاطر الأزمة ووقف التدهور الحاصل. وفي مثل الظروف التي يمر فيها العالم حاليا فإن وقف النزيف يشكل بحد ذاته إنجازا، نظرا لحجم الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم ودوله الكبرى بما لايقارن مع أي أزمة سابقة منذ قرن من الزمان.
نتائج الاستطلاع تعطي مؤشرات مهمة حول توجهات الأردنيين إزاء قضايا وقرارات دائما ماتثير الجدل كالحظر والتعليم عن بعد والعمل المرن، ولابأس هنا من تحليلها ومقاربتها مع السياسات المعتمدة، فقد يساعد ذلك في خلق توافق بين التوجهات الشعبية والقرارات الحكومية شرط عدم الانزلاق إلى الشعبوية على حساب المصلحة الوطنية التي قد تقتضي في بعض الأحيان اتخاذ قرارات لاتحظى بالدعم الشعبي.
في المحصلة هذه الحكومة تبدأ عهدها تحت ضغط شديد من الشارع، وعليها تفهم هذا الوضع بصدر رحب وعقل مفتوح على الحوار والنقاش وتقبل النقد مهما بدا قاسيا.