مقدرة الجهود الامنية المبذولة لتطهير الأردن، من شبكات الاجرام، وأبناء هذه المؤسسات يعرضون حياتهم للخطر، في تنفيذ هذه المهمات الصعبة، والحساسة جدا، ولهم منا كل احترام.
ما يراد قوله بصراحة، انه لا بد من عدة أمور، أولها استمرار الغطاء السياسي دعما للمؤسسة الأمنية في هذه الحملات، حتى لا تكون حملات مؤقتة، وثانيها البحث عن الرعاة الكبار في عالم الاجرام، لان القبض على فرد يفرض الاتاوات او يوزع المخدرات، امر ممتاز، لكنه لن ينهي القصة، لان هناك رعاة كبارا يتوجب وأدهم وهم احياء حتى تنتهي هذه المشاكل، حتى لا يقوموا بتأسيس شبكات بديلة، وثالثها عدم تناسي ظواهر أخرى، من شبكات الليل، وصولا الى المشعوذين في كل مكان، وحتى ظاهرة التسول المخزية، عند كل صراف آلي، او إشارة مرور، او عبر اللواتي يطرقن بوابات البيوت، وهن أساسا يعملن مع عصابات تستكشف هذه البيوت لسرقتها لاحقا، وهذا ملف خطير أيضا، يتوجب التنبه له من جانب الناس.
اصبحنا نعيش حياة المدن الكبيرة، وهناك عوالم كاملة غامضة، وهي مترابطة ببعضها بعضها، من شبكات المخدرات، وصولا الى شبكات الزعران، وبينهما ما يجري أيضا في النوادي الليلية، وغير ذلك من ملفات كالتسول والشعوذة بحاجة الى فتح كامل، حتى يتم تطهير الأردن منها، وحتى لا تنمو هذه الظواهر اكثر.
يتوجب اليوم بكل صراحة، ان نؤشر الى التغيرات الاجتماعية التي تقود الى بروز هذه الأنماط الجديدة على الأردن، وهي أنماط نراها في دول عديدة، وليست حكرا على هذه البلاد، حتى لا نقف في زاوية التحسس على سمعتنا، اذ تبقى سمعتنا حسنة.
في مقال سابق اشرت الى ان ملف التطهير يجب ان يصل الى السجون، ايضا، اذ ان وضع السجون يعاني من ذات الشبكات التي يتجمع افرادها، ويتعرفون الى بعضهم بعضا، ويلتقون بعد الخروج، وربما يتورط بعضهم في نشاطات جديدة، كما ان ظواهر البلطجة موجودة داخل السجون، ذاتها، حيث توجد مراكز قوى، وسيطرة بين المساجين، وبعضهم يحاول مخالفة القانون حتى وهو في السجن، وهذه الظاهرة ليست جديدة.
السجن مركز يتجمع فيه كل هؤلاء، ومن الطبيعي ان تحدث فيه هذه الممارسات، وهي بحاجة اليوم الى حملات تفتيش وتنظيف للسجون من داخلها، وإعادة ترتيب من جديد، مع تقديرنا هنا للحمل الثقيل الذي تتولاه الإدارات هنا، وهو حمل لا يختلف احد على ثقله.
ظاهرة المخدرات اخطر الظواهر، اذ ان المخدرات وبرغم كل عمليات افشال التهريب، الا انها تصل الى الأردن بوسائل مختلفة، ولا يمكن هنا، ان نطالب بتطهير الأردن من شبكات المخدرات، دون ان نطالب بتعزيز قدرات العاملين في هذا المجال، معنويا، وماليا، وزيادة اعدادهم، ورفدهم بكفاءات إضافية، وتقنيات فنية قد يحتاجونها في عملهم، إضافة الى ان مبدأ ملاحقة الرعاة الكبار، وحده الكفيل بإنهاء هذه الظاهرة الخطيرة.
لا نريد لهذه الحملات ان تضعف لاحقا، وهذا يعني ان الخطة يجب ان لا تعود الى المهام الطبيعية التقليدية، بل يتوجب اليوم، مساعدة كل المؤسسات لبعضها بعضا، ومساعدة الناس أيضا دون خوف من الانتقام او كلفة الإبلاغ، عدم السكوت على أي مخالفات قانونية، خصوصا، في الاحياء التي قد تضم موزعا للمخدرات، او مشعوذا او مشعوذة وهذه بحد ذاتها ظاهرة باتت منتشرة، اضافة للعاملات في النشاطات غير الأخلاقية، ومن يوفر لهن الدعم او الرعاية او الحماية وغير ذلك.
امام الحملات التي تم شنها، ستخفض كثير من الشبكات نشاطها، وسوف تتوارى عن عيون الجهات المختصة، وهذا يعني ان التمكن من تنفيذ اغلب اهداف الحملات، يفرض استمرارها، مع إجراءات إضافية، في هذا التوقيت بالذات، وقد اشرت الى وجود ظواهر أخرى، باتت تتكاثر في البلد، وهي ظواهر لا تليق بنا بكل الأحوال، ولا تمثل طبيعتنا الأساس.
هذه فرصتنا الكبرى، التي يقف فيها الناس، مع المؤسسة الرسمية، على قلب رجل واحد، من اجل غاية واحدة، وعلينا ان نستفيد منها، من اجل الأردن، واستقراره.