صدى الشعب- كتب: حسن عيسى الخزاعلة
يعد الاردن نموذجا راسخًا للتعايش الديني منذ فجر التاريخ وهو ما تؤكده الشواهد التاريخية والواقع المعاصر معًا، فمنذ العصور القديمة كانت ارض الاردن ملتقى للحضارات والديانات السماوية إذ شهدت مرور الانبياء واحتضنت مواقع دينية مقدسة في الاسلام والمسيحية مثل المغطس موقع عماد السيد المسيح ومقامات الصحابة والكنائس التاريخية التي ما زالت قائمة حتى اليوم ومنها كنائس تعد من اقدم الكنائس في العالم مثل كنيسة العقبة والكنيسة الكهفية في رحاب وكنائس مكاور وام الرصاص وغيرها.
وفي العصر الاسلامي ترسخت قيم التسامح واحترام الاخر حيث عاش المسلمون والمسيحيون جنبًا الى جنبٍ في أمن واستقرار يتشاركون الحياة الاجتماعية والثقافية ويحافظون على نسيج وطني واحد كما تؤكد الوقائع التاريخية في صدرِ الاسلام أن المسيحيين العرب كانوا جزءا اصيلا من المجتمع والدولة حيث وقفوا جنبا إلى جنب مع المسلمين في مواجهة الروم والفرس دفاعًا عن الارض والهوية العربية وشاركت قبائل مسيحية عربية في أحداث مفصلية من تاريخ المنطقة.
كما أسهم كثير من المسيحيين في بناء الدولة الاسلامية وتولوا مناصب كبرى في إدارتها ابان أوج قوتها فكان منهم الوزراء والاطباء والكتاب والمترجمون وأسر مسيحية لعبت دورا بارزًا في نهضة العلوم والادارة مما يعكس عمق الشراكة الحضارية ويؤكد ان التعايش لم يكن شعارا بل ممارسة راسخة في التاريخ الاسلامي واستمر هذا النهج في الدولة الاردنية الحديثة التي كفل دستورها حرية العبادة وصون دور العبادة ورسخ مبدأ المواطنة المتساوية.
كما لعبت القيادة الهاشمية دورًا محوريًا في تعزيز الحوار بين الاديان سواء على المستوى المحلي او العالمي ومن ابرز الامثلة رسالة عمان ومبادرات الحوار الاسلامي المسيحي التي جعلت من الاردن صوتا عالميا للاعتدال والسلام.
لذلك فإن الأردن لا يمثل فقط نموذجًا تاريخيًا للتعايش الديني بل تجربة حية مستمرة تجسد قيم الاحترام المتبادل والعيش المشترك ونبذ التعصب في عالم هو بأمسِ الحاجة الى هذه القيم.






