صدى الشعب – كتب: د.عايش النوايسة خبير ومستشار تربوي
تعمل وزارة التربية والتعليم على ترجمة التوجيهات الملكية منذ أن طلب جلالة الملك من الحكومة، في العام 2015، تطوير منظومة متكاملة للتعليم بمختلف مراحله وقطاعاته، لمواكبة أحدث المعايير الدولية، وتكامل جهود تنمية القوى البشرية ضمن إطار عمل واحد. وفي ذلك الوقت، تم تشكيل لجنة وطنية أعدّت استراتيجية شاملة وواضحة المعالم لتنمية الموارد البشرية للأعوام (2016–2025)، تؤطر عمل القطاعات المعنية بالتعليم، وتنسجم مع مخرجات رؤية الأردن 2025 والخطة التنفيذية للاستراتيجية الوطنية للتشغيل، ولاحقًا مع مشروع التحديث الاقتصادي، والبناء على الجهود والدراسات السابقة، وصولًا إلى تنمية بشرية تمكّن الوزارة من بناء قدرات أجيال الحاضر والمستقبل، وتسليحهم بأفضل أدوات العلم والمعرفة، وبما يحفّز ويشجّع على التميّز والإبداع، ليكون الطلبة مؤهّلين وقادرين على المنافسة بكفاءة عالية، ليس على مستوى الوطن فحسب، بل على المستويين الإقليمي والدولي، وفتح آفاق الفرص أمام الشباب الأردني، وإطلاق إمكاناتهم وقدراتهم.
فقد أنهت الحكومة إعداد مسودة قانون تأسيس «وزارة التعليم وتنمية الموارد البشرية»، وسيتم إرسالها إلى مجلس النواب خلال الشهر المقبل لإقرارها ضمن الإجراءات التشريعية. إذ إن الهدف من الوزارة الجديدة هو إعادة تصميم هيكل جديد ومتخصص يكون بمثابة مرجعية وطنية تجمع بين رسم السياسات التعليمية وتنمية الموارد البشرية على مستوى شامل. وستتبنّى الوزارة الجديدة نموذجًا تشغيليًا متطورًا يركّز على دورها التنظيمي والاستراتيجي، مع منح مديريات التعليم صلاحيات أوسع لتتولى تنفيذ السياسات والمبادرات ميدانيًا.
وفقًا لما ورد في المسودة والخطط المصاحبة لها، سيتم إنشاء مجلس وطني للتعليم وتنمية الموارد البشرية برئاسة رئيس الوزراء، ليكون المرجعية العليا المختصة بوضع السياسات التعليمية وتنمية المهارات في المملكة. وستتولى الوزارة الجديدة الإشراف على جميع مراحل التعليم، من الطفولة المبكرة حتى التعليم العالي، والتعليم والتدريب المهني والتقني، مع تركيز واضح على مواءمة منظومة التعليم مع متطلبات التنمية الاقتصادية واحتياجات سوق العمل.
كما ستُعزَّز منظومة ضمان الجودة من خلال توطينها في هيئات متخصصة تشمل جميع مؤسسات التعليم العام والخاص، بما يحدّ من تداخل الاختصاصات بين الجهات المختلفة. ويُعاد تشكيل الهيكل التنظيمي للوزارة ليضم تسع إدارات عامة، مع توسيع صلاحيات مديريات التعليم في مجالات شؤون الطلبة، والإرشاد الوظيفي، والصيانة، والبناء، والمشتريات. وفيما يتعلق بالتعليم العالي، سيجري تعزيز استقلالية الجامعات، على أن يقتصر دور الوزارة على رسم السياسات والمعايير، وترخيص المؤسسات، وضمان مواءمة المخرجات مع احتياجات سوق العمل.
سيتم تفعيل مركز الوزارة بهيكله الجديد بصورة تدريجية، على أن تكتمل جاهزيته بالكامل بحلول شهر آب من العام المقبل، مع ضمان استمرارية العمل وعدم الاستغناء عن أي موظف خلال مرحلة الانتقال. وعقب ذلك، سيجري تطبيق النموذج التشغيلي الجديد لمديريات التعليم على مراحل تمتد لعامين، مع التأكيد على الحفاظ على استمرارية الخدمات الأساسية وعدم تأثرها أثناء تنفيذ الهيكلية الجديدة.
إن كل ذلك يتطلب منظومة جديدة وعصرية في إدارة الموارد البشرية، ويستدعي إجراء تحليل علمي لعمليات الوزارة الجديدة (الهندرة)، من خلال إعادة تصميم العمليات اللازمة لإعادة هيكلة عملياتها الداخلية، بما يسهم في تحسين توزيع الأعمال ورفع كفاءة الأداء. وفي ضوء إقرار الشكل الجديد للوزارة، سيتم تصميم عمليات وهياكل تنظيمية لكافة الأمانات الجديدة والمديريات التابعة لها، بما يواكب التغيّر في شكل الخدمات التي تقدمها الوزارة، خاصة مع التوسع في منح الصلاحيات للميدان بعد تقليص عدد مديريات التربية من 42 مديرية إلى 16 مديرية. وعليه، ستصدر قرارات وتعليمات وأنظمة جديدة تنسجم مع هذا التطوير، وتلغي ما سبقها من تعليمات، لا سيما مع إقرار الحكومة لنظام الموارد البشرية الجديد.






