الراعي لـ(صدى الشعب): رأس مال الشركة خط الدفاع الأول عن حقوق الدائنين والموظفين
أبو نجمة لـ(صدى الشعب): الوعي بالحقوق والمهارات يحمي العاملين من الاستغلال
صدى الشعب – أسيل جمال الطراونة
في ظل تزايد التحديات التي تواجه العاملين في القطاع الخاص، تتقاطع القضايا القانونية المرتبطة بتأسيس الشركات مع واقع سوق العمل وحقوق العاملين، ما يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى التزام الشركات بالتشريعات الناظمة، وانعكاس ذلك على الاستقرار الوظيفي وحماية الحقوق العمالية.
وفي هذا السياق، أكد أستاذ القانون الدكتور أشرف الراعي أن تأسيس الشركات في الأردن يخضع لإطار قانوني دقيق حدده قانون الشركات الأردني، يهدف إلى تحقيق التوازن بين تشجيع الاستثمار وحماية المتعاملين مع الشركة، موضحًا أن استيفاء شروط التأسيس لا يعد إجراءً شكليًا، بل يمثل ضمانة قانونية لسلامة الوضع القانوني للشركة منذ نشأتها.
وبيّن الراعي أن هذه الضمانة تشمل تحديد نوع الشركة وغاياتها ورأس مالها، إضافة إلى مسؤوليات الشركاء، مشيرًا إلى أن المشرّع أولى أهمية خاصة لمسألة رأس المال، باعتباره خط الدفاع الأول عن حقوق الدائنين والعاملين، ومؤشرًا على الجدية الاقتصادية للشركة.
ولفت إلى أن الإخلال بمتطلبات رأس المال أو إجراءات التسجيل قد يترتب عليه آثار قانونية خطيرة، من بينها مساءلة الشركاء شخصيًا عن التزامات الشركة، وحرمانها من التمتع بالشخصية الاعتبارية الكاملة، بما ينعكس سلبًا على حقوق العاملين والمتعاملين معها.
وأضاف أن دور الجهات الرقابية، وعلى رأسها دائرة مراقبة الشركات في وزارة الصناعة والتجارة والتموين، لا يقتصر على مرحلة التأسيس، بل يمتد إلى المتابعة اللاحقة لنشاط الشركات، من خلال التدقيق في البيانات المالية ومراقبة الالتزام بعقد التأسيس والنظام الأساسي، وفرض الجزاءات القانونية عند الإخلال بالالتزامات، بما يسهم في حماية النظام الاقتصادي واستقرار التعاملات.
من جهته، أوضح رئيس مركز بيت العمال للدراسات، حمادة أبو نجمة، أن دخول سوق العمل، خاصة في القطاع الخاص، يتطلب وعيًا وتنظيمًا من قبل طالبي العمل، يبدأ بتحديد الهدف المهني والقطاع المناسب، والاعتماد على البحث النشط بدل الانتظار، مؤكدًا أهمية المبادرة والتواصل المهني في خلق فرص العمل.
وأشار أبو نجمة إلى أن تقديم السيرة الذاتية بشكل مهني، والاستعداد الجيد للمقابلات الوظيفية، يعدان عاملين حاسمين في فرص التوظيف، إلى جانب ضرورة تقييم أي فرصة عمل قبل القبول بها، ليس فقط من حيث الأجر، وإنما من حيث وجود عقد عمل واضح، والالتزام بساعات العمل القانونية، والشمول بالضمان الاجتماعي، وتوفر بيئة عمل آمنة تتيح التطور المهني.
وأكد أن المهارات العملية باتت العامل الأهم في سوق العمل، موضحًا أن القطاع الخاص يركز بشكل متزايد على المهارات التقنية والسلوكية، مثل الالتزام والتواصل والعمل ضمن فريق، أكثر من التركيز على الشهادات النظرية، لافتًا إلى أن الاستثمار في التدريب المرتبط باحتياجات السوق يشكل مدخلًا أساسيًا للاستقرار الوظيفي.
وفي سياق متصل، تعكس شهادات عدد من العاملين واقعًا مختلفًا على الأرض، حيث قال أحد المواطنين، الذي سبق أن عمل في إحدى القنوات الإعلامية دون الحصول على رواتبه لمدة ثمانية أشهر، إنه اضطر إلى رفع قضية عمالية، صدر الحكم فيها لصالحه بعد نحو أربع سنوات، إلا أنه لم يتمكن من تحصيل مستحقاته المالية بسبب إعلان القناة إفلاسها.
وأضاف أن العديد من الشباب، لا سيما الخريجين الجدد، يتعرضون للاستغلال نتيجة حاجتهم للعمل وعدم وعيهم بحقوقهم القانونية، مشيرًا إلى أن تركيزه في بداية مسيرته المهنية انصب على الحصول على فرصة عمل فقط، دون الانتباه للجوانب القانونية، الأمر الذي تسبب بخسارته لحقوقه.
وفي شهادة أخرى، روى مواطن فضل عدم ذكر اسمه قصته بعد أن أمضى نحو 18 عامًا في العمل لدى إحدى الشركات، قبل أن يجد نفسه أمام أزمة مالية وحقوقية معقدة، موضحًا أنه سافر خلال العام الماضي إلى خارج البلاد لمدة ثلاثة أشهر لمتابعة أعمال تتعلق بالشركة في مكتبها الخارجي في تركيا، في وقت كانت تمر فيه الشركة بأزمة إدارية.
وأشار إلى أنه خلال وجوده خارج الأردن كان يطالب بتحويل راتبه الشهري، خاصة مع تأخر أربعة رواتب مستحقة له، إلا أن مطالبه لم تلقَ استجابة، رغم ازدياد أعباء السفر والمعيشة، مضيفًا أن الإدارة طلبت منه لاحقًا التوجه إلى دولة أخرى لمعالجة إشكالية تتعلق بعمل الشركة، مقابل صرف مستحقاته المتأخرة، وهو ما استجاب له.
وبيّن أنه أمضى هناك أيضًا نحو ثلاثة أشهر، دون أن يحصل على رواتبه، ما اضطره إلى الإنفاق من أمواله الخاصة لتغطية تكاليف المعيشة والتنقل، قبل أن يعود إلى الأردن ويطالب بمستحقاته المالية التي بلغت آنذاك عشرة رواتب غير مدفوعة، إضافة إلى بدلات سفر.
وأوضح أن مجموع مستحقاته وصل إلى نحو 16 ألف دينار، ما دفعه إلى رفع قضية عمالية بحق الشركة، وتقديم استقالة مسببة بواسطة محامٍ مختص، في محاولة لتحصيل حقوقه وفق الأطر القانونية.
وفي شهادة ثالثة، قال العامل أحمد (اسم مستعار) إنه عانى خلال عمله لدى إحدى المؤسسات الإعلامية لمدة ست سنوات من تدهور الوضع المالي للشركة، خلافًا للتوقعات بتحسنه، موضحًا أن سنوات عمله اتسمت بضغط العمل وتبديل الشفتات بشكل مستمر، إلى جانب وعود متكررة بتعديل الرواتب، رافقها تأخير متزايد في صرف المستحقات.
وأضاف أن التأخير بدأ بشهرين ثم امتد إلى ثلاثة أشهر، فيما كانت الإدارة تؤكد في كل مرة أن الوضع المالي سيتحسن، دون أن يتحقق ذلك، لافتًا إلى أنه في السنة الأخيرة لم يعد قادرًا على الاستمرار، بعدما انعكس تأخير الرواتب بشكل مباشر على حياته المعيشية وتراكمت عليه الالتزامات المالية.
وأشار إلى أنه اضطر في نهاية المطاف إلى ترك العمل واللجوء للقضاء، حيث واجهت قضيته عراقيل، من بينها تقديم ادعاءات غير دقيقة والاستعانة بشهود لم يحضروا جلسات المحكمة، ما أدى إلى إطالة أمد التقاضي، رغم صدور حكم لصالحه لاحقًا.
وأوضح أن المحكمة أصدرت حكمًا لصالحه، إلا أن الشركة تقدمت بطلب استئناف وامتنعت عن تنفيذ الحكم، ما اضطره لاتخاذ إجراءات قانونية لاحقة، من بينها الحجز على إحدى مركبات الشركة.
ولفت إلى أنه رغم استكمال الإجراءات القانونية ،جرى رفع الحجز بذريعة تبليغ غير صحيح، قبل أن يُعاد الحجز لاحقًا، في حين امتنعت الشركة عن تنفيذ القرار وعدم اعطائه مستحقاته المالية، وعدم تسليم المركبة للقضاء .
