المشاقبة: كل محاولات الاحتلا الإسرائيلي تهدف لإنهاء حل الدولتين ومنع قيام دولة فلسطينية
الدعجة: الضم الفعلي للضفة يتسارع والاستيطان تجاوز 750 ألف مستوطن
شنيكات: الاحتلال يحاول دفن حل الدولتين وإعادة هندسة الواقع الديموغرافي
صدى الشعب – ميس إسامة
أكد خبراء سياسيون أن الاحتلال الإسرائيلي يمضي بخطى متسارعة توسيع الاستيطان، وفرض وقائع ميدانية، وإعادة هندسة الجغرافيا والديموغرافيا في الضفة الغربية، بما يجعل قيام دولة فلسطينية مستقلة أمرًا شبه مستحيل.
وأشاروا خلال حديثهم لـ”ثدى الشعب” إلى أن الضم الفعلي يتقدم على الأرض بصورة ممنهجة، في ظل صعود اليمين الصهيوني المتطرف الذي ينفّذ اعتداءات منظمة ضد الفلسطينيين بدعم مباشر من حكومة الاحتلال.
وبيّنوا ، أن سياسات الاحتلال القائمة على التوسع والاستيطان والتهجير القسري، من بناء المستوطنات واقتلاع أشجار الزيتون وإقامة الحواجز، وصولًا إلى الدعوات لإعادة استيطان غزة، تمثل جزءًا من مشروع شامل يهدف إلى منع قيام دولة فلسطينية، وتقويض الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، وخلق واقع ديموغرافي جديد يحمل تداعيات خطيرة على الأردن والمنطقة بأكملها.
اليمين الصهيوني المتطرف ينفّذ اعتداءات منظمة بدعم حكومة الاحتلال
إلى ذلك أكد أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، الدكتور أمين المشاقبة، أن الاحتلال الإسرائيلي يسعى عمليًا إلى ضم الضفة الغربية من خلال خطوات ميدانية متسارعة، أبرزها توسيع المستوطنات وزيادتها على الأرض، مشيرًا إلى وجود ما يزيد عن 166 مستوطنة و220 مستوطنة عشوائية.
وقال المشاقبة خلال حديثه لـ”صدى الشعب” إن عدد المستوطنين في الضفة الغربية تجاوز 760 ألف مستوطن، في وقت تواصل فيه جماعات اليمين الصهيوني المتطرف، ومنظمات مثل “فتيان الجبال” وغيرها، تنفيذ عمليات توسع واعتداءات ممنهجة على الأهالي والممتلكات، تشمل تدمير وحرق المساكن والسيارات والاعتداء على المواطنين، وذلك بدعم مباشر من الاحتلال.
وأضاف أن الأيديولوجيا الصهيونية تقوم على ثلاثة مبادئ هي الاحتلال والاستيطان والتوسع، وأن عملية ضم الضفة الغربية تلتقي تمامًا مع هذه الأيديولوجية المتطرفة، مستشهدًا بتصريحات رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي نتن-ياهو التي أكد فيها أن “السيادة الإسرائيلية من النهر إلى البحر مهما كانت الظروف”.
وأشار إلى أن جميع محاولات الاحتلال الإسرائيلي تهدف إلى إنهاء حل الدولتين ومنع إقامة دولة فلسطينية مستقلة على أراضي عام 1967، مؤكدًا أن سياسات الاحتلال الممنهجة تشكل تهديدًا مباشرًا للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وتتناقض مع أسس السلام العادل والشامل.
واشنطن ترفض الضم “شكليًا” وتسمح به فعليًا
من جانبه أكد أستاذ العلوم السياسية، الدكتور حسن الدعجة، أن الحقائق والأرقام تشير إلى أن الضم الفعلي للضفة الغربية يتزايد على أرض الواقع دون إعلان رسمي، موضحًا أن التوسع الاستيطاني المستمر يُعد أبرز دليل ملموس على ذلك، حيث يتجاوز عدد المستوطنين في الضفة الغربية باستثناء القدس الشرقية 750 ألف مستوطن.
وأضاف أن الاحتلال إسرائيلي يستولي على أكثر من 60% من أراضي الضفة الغربية، وخاصة المنطقة (ج)، ويستخدمها للبنية التحتية التي تربط المستوطنات بالاحتلال .
وبيّن أن النظام القانوني المزدوج يمثل دليلًا سياسيًا وقانونيًا واضحًا على “الضم الوظيفي”، إذ يُطبق القانون الإسرائيلي تدريجيًا على المستوطنات والمستوطنين عبر تشريعات تُمكّن من تطوير البنية التحتية، في حين يبقى الفلسطينيون خاضعين للقانون العسكري، ما يُحدث تغييرًا دائمًا في جغرافية المنطقة وديموغرافيتها.
وأضاف أن الأدلة تشير إلى أن الولايات المتحدة لا تمنع فعليًا خطط الضم الإسرائيلية، بل تعمل على ضبط شكلها وطريقة تمريرها بما يخدم مصالحها الجيوسياسية ويجنبها إدانة دولية واسعة.
وقال إن التناقض بين تصريحات واشنطن الرافضة للخطوات أحادية الجانب وما يجري على الأرض يفسر بالتركيز على الشكل لا المضمون؛ إذ تركز واشنطن على تجنب إعلان رسمي للضم (De Jure) بينما تتغاضى عن الضم الفعلي المتحقق عبر التوسع الاستيطاني والسيطرة على الأراضي وتطبيق القانون الإسرائيلي تدريجيًا (De Facto).
وأشار إلى أن الإدارات الأمريكية المتعاقبة تمنح الأولوية للعلاقات الاستراتيجية مع الاحتلال إسرائيلي على حساب الضغط الفاعل لوقف التوسع، وهو ما يتيح للاحتلال هامشًا واسعًا لتنفيذ سياساتها المتعلقة بالضم التدريجي.
الضم التدريجي ينسف حق تقرير المصير
ولفت إلى أن هذا الموقف يسمح لواشنطن بالحفاظ على دورها كوسيط محتمل دون الدخول في صدام مع تل أبيب، لكنه يعني عمليًا غياب أي رادع أمريكي حقيقي أمام الخطط المستقبلية لضم الضفة الغربية.
وأوضح أن ”الهندسة الجغرافية والديموغرافية” التي ينفذها الاحتلال، خصوصًا عبر التوسع الاستيطاني، يُجزّئ الأرض الفلسطينية ويخلق وقائع على الأرض تجعل إقامة دولة فلسطينية متواصلة جغرافيًا وقابلة للحياة أمرًا شبه مستحيل، لاسيما في المنطقة (ج).
وأضاف أن تقليص دور اللاجئين يهدف إلى تغيير التوازن الديموغرافي بشكل دائم وتقويض حق العودة، وهو ركن أساسي في أي حل سياسي، الأمر الذي يقوّض الأسس المادية والقانونية لحل الدولتين ويهدد بقاء الهوية الوطنية الفلسطينية على أرضها.
وحول انعكاسات ذلك على الأردن، أكد الدعجة أن أخطر التداعيات تتمثل في التهديد الجوهري لأمنه واستقراره الوطنيين؛ إذ يُغير الضم طبيعة الحدود مع الضفة الغربية، ما يزيد الضغوط الأمنية على طول وادي الأردن ويقوّض اتفاقيات السلام.
وأكد أن السيناريوهات الديموغرافية المرتبطة بالضم، ومنها مخاوف التهجير القسري (الترانسفير) للفلسطينيين عبر نهر الأردن، تشكل تهديدًا مباشرًا للاستقرار الاجتماعي والديموغرافي في المملكة، وتقوّض بشكل قاطع حل الدولتين.
وقال إن الضم الجزئي أو التدريجي ينهي فعليًا حل الدولتين؛ إذ يخلق وقائع جغرافية وديموغرافية، مثل التوسع الاستيطاني والسيطرة على المنطقة (ج)، تجعل إقامة دولة فلسطينية متصلة وقابلة للحياة أمرًا مستحيلًا.
وأضاف أن هذا التآكل التدريجي يفرض واقعًا جديدًا يصعب عكسه إلا بجهد دولي هائل، لافتاً إلى أن ذلك سيكون لهذا تداعيات على القضية الفلسطينية ككل، حيث يُحوّل الصراع من صراع حدود ودولة إلى صراع حقوق متساوية ومطالبة بإنهاء نظام تمييزي في ظل الواقع الفعلي المتمثل في دولة واحدة ثنائية القومية، وهذا يُغير جذريًا النضال السياسي الفلسطيني ويُقوّض الاعتراف الدولي بحق تقرير المصير ضمن حدود عام 1967.
ميزانية الاحتلال تعكس سباقًا محمومًا لبناء مئات الوحدات الاستيطانية
من جهته أكد رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية، الدكتور خالد شنيكات، أن التصريحات الصادرة عن حكومة الاحتلال الإسرائيلية وقادتها، من نتنياهو إلى بن غفير وسموتريتش وأحزاب الحريديم، تعكس توجهًا معلنًا وواضحًا يتمثل في العمل على إفشال قيام دولة فلسطينية وتنفيذ ذلك عمليًا على الأرض.
وقال شنيكات إن ممارسات الاحتلال الميدانية، من بناء المستوطنات وإقامة الحواجز واقتلاع أشجار الزيتون، تحمل هدفًا واحدًا يكرره قادة الاحتلال بصورة صريحة هو عدم قيام دولة فلسطينية.
وأضاف أن هذه السياسات ترافقها إجراءات تضييق ممنهجة على الفلسطينيين، هدفها بحسل ما يعلنه قادة الاحتلال تهجير سكان الضفة الغربية نحو الأردن أو إلى مناطق أخرى.
وأشار إلى أن هذا التوجه لم يقتصر على الضفة الغربية، بل برز بوضوح خلال الحرب على غزة، حيث دعا سموتريتش وبن غفير وقادة في جيش الاحتلال، من بينهم متقاعدون، إلى إعادة استيطان غزة، كما طالبوا بأن يكون معبر القطاع باتجاه واحد، في إشارة إلى دفع الفلسطينيين للخروج منه.
وبيّن أن هذه الخطوات تعكس رؤية الاحتلال إسرائيلية واضحة المعالم، تحمل تداعيات مباشرة على الأردن والقضية الفلسطينية، خصوصًا أن الأردن تمسّك منذ البداية بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران.
وشدد على أن سياسات الاحتلال الإسرائيلي تدفن فعليًا حل الدولة الفلسطينية، وتلقي بظلالها على قضايا حساسة مثل اللاجئين والحدود والأمن والوصاية على القدس.
وأوضح أن الاحتلال يعمل على تنفيذ تغييرات ديموغرافية واسعة ضمن ما يشبه إعادة هندسة شاملة للواقع السكاني والجغرافي، مشيرًا إلى أن ميزانية الاحتلال الإسرائيلي أقرّت بناء مئات الوحدات السكنية داخل المستوطنات، في خطوة تعكس تسارعًا كبيرًا في ترسيخ الأمر الواقع.
وقال بأن سياسة الاحتلال الإسرائيلي تسابق الزمن لتغيير كل شيء على الأرض، بما يجعل الحديث عن إمكانية إعلان دولة فلسطينية، أو قيامها فعليًا، أمرًا صعباَ”.
