صدى الشعب – راكان الخريشا
مع انطلاق مناقشات مشروع الموازنة العامة لعام 2026، طرح نواب البرلمان ملاحظات جوهرية تتعلق بالسياسات المالية للدولة، مع التركيز على تحديات الاقتصاد الأردني وعبء المعيشة على المواطنين، وأكد النواب أن الموازنة الحالية، رغم ما تحمله من أرقام ومؤشرات مالية، لا تعكس بصورة كافية الطموحات التنموية للدولة ولا تحقق نقلة نوعية في تحسين واقع الخدمات أو تعزيز فرص العمل.
وأشار النواب إلى استمرار الاعتماد على الضرائب غير المباشرة، وارتفاع حجم الدين العام وتضخم المتأخرات الحكومية، مؤكدين أن هذه العوامل تشكل ضغوطًا على المالية العامة وتزيد العبء على المواطن الأردني، خاصة أصحاب الدخل المحدود، وكما شددوا على أهمية وضع رؤية واضحة للإنفاق الرأسمالي والاستثمار في القطاعات الحيوية مثل التعليم، الصحة، الكهرباء والمياه، إلى جانب تعزيز دور المرأة والشباب كركائز أساسية لبناء مستقبل مستدام.
وفي ظل الواقع الإقليمي المضطرب والفوضى المحيطة بالمنطقة، حذّر النواب من انعكاس هذه الأزمات على الموازنة وإدارة الدولة، مؤكدين ضرورة اعتماد مقاربة جريئة وواقعية في تطوير السياسات المالية، وإعادة هيكلة الموارد العامة بماغ يحقق العدالة الاقتصادية ويعزز الثقة بين المواطن والمؤسسات، ويحوّل التحديات الاقتصادية والسياسية إلى فرص تنموية حقيقية.
وفي هذا الصدد أكدت النائب، تمارا ناصر الدين، إن الواقع الإقليمي المضطرب يفرض على الأردن ضغوطًا غير مسبوقة نتيجة الفوضى وعدم الاستقرار في المنطقة، مشيرة إلى أن المملكة تقع في قلب أزمات وحروب ومخاطر ظاهرية وخفية تؤثر مباشرة على موازنة الدولة وإدارتها ضمن مفهوم إدارة الأزمة والقدرة على العمل في بيئة متقلبة.
وأوضحت ناصر الدين أن المسؤولية الوطنية المشتركة تتطلب حماية مصالح الدولة العليا وصون منجزات الشعب، مؤكدة أن الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني نجح في تجاوز أخطر التهديدات الإقليمية خلال السنوات الأخيرة، وأن حكمة الملك حالت دون مواجهات كبرى كان من شأنها أن تزيد الأوضاع تعقيدًا.
وشددت على أن حزب الميثاق الوطني يتبنى رؤية مالية واضحة ترتكز على إدارة رشيدة للمال العام وتنمية اقتصادية قائمة على الابتكار ورفع كفاءة الخدمات، داعية مجلس النواب إلى اعتماد مقاربة جديدة وجريئة في تطوير الموازنة تعزز الثقة وتعيد توجيه أدوات الدولة لخدمة المواطن الأردني ورفع جودة حياته.
وأوضحت أن تطوير الموازنة يتطلب التركيز على “المساحات الرمادية” التي غالبًا ما يتم تجاهلها، بما في ذلك تنمية مداخيل الدولة بدل الاقتصار على خفض النفقات، مع التأكيد على أهمية حوكمة المالية العامة وإعادة هيكلتها عبر ترشيد الإنفاق وفق الأولويات وتنمية الإيرادات من المصادر غير المستغلة، وإدارة الدين العام بكفاءة، واعتماد تخطيط مالي مبني على المؤشرات الاقتصادية والسياسية والتوقعات العالمية.
وأكدت ناصر الدين، بصفها عضو لجنة الشؤون الخارجية، أن موازنة وزارة الخارجية لا تزال متواضعة مقارنة بحجم الأعباء الملقاة عليها في خدمة مصالح الدولة ورعاية شؤون المغتربين، داعية إلى تعزيز التعاون الوطني ضمن استراتيجية مشتركة تجعل الملف الخارجي رافعة اقتصادية وسياسية.
وفي قطاع التعليم، شددت على أن الاستثمار في الإنسان يمثل جوهر قوة الدولة، مؤكدة أن تطوير الجامعات الأردنية لجذب الطلبة العرب والأجانب يمكن أن يحوّل التعليم العالي إلى قطاع استثماري كبير، مع الحفاظ على البيئة الجامعية والسمعة الأكاديمية للأردن.
كما أكدت ناصر الدين على أهمية تمكين المرأة الأردنية باعتبارها استثمارًا وطنيًا في نصف المجتمع، موضحة أن دورها أساسي في بناء القدرات وصناعة المستقبل.
وقدمت مجموعة من المقترحات العملية لتعزيز فعالية الموازنة، شملت الانتقال التدريجي إلى موازنة برامج وأداء تربط الإنفاق بمؤشرات قياس واضحة، مراجعة الإنفاق الجاري غير المنتج، تعظيم الإيرادات غير الضريبية عبر تحديث إدارة أملاك الدولة وتنظيم الأنشطة الرمادية، وتفعيل القطاعات الواعدة مثل الاقتصاد الرقمي والصناعات التكنولوجية، إلى جانب إنشاء وحدة وطنية لاستشراف المخاطر المالية والسياسية وتقديم تقارير دورية للحكومة والبرلمان، وتعزيز العدالة التنموية بين المحافظات وربط المخصصات باحتياجات المناطق الفعلية.






