نقيب المهندسين: “مدينة عمرة” ستغيّر شكل العمران وتفتح باب فرص جديدة للأردنيين
خبير اقتصادي: نجاح مدينة “عمرة” مرتبط بإدارة دقيقة واستثمارات مضمونة
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
في الوقت الذي تتجه فيه الأنظار نحو المشروع الحضري الجديد مدينة عمرة الذي أعلنت عنه الحكومة مؤخراً، برزت سلسلة من التساؤلات حول طبيعته، وآثاره المتوقعة على المشهدين العمراني والاقتصادي في المملكة.
وكان رئيس الوزراء جعفر حسان، أطلق، مشروع مدينة عمرة الذي يشكل نموذجا جديدا في التطوير الحضري وإدارة النموّ السكاني طويل الأمد، ويراعي معايير الاستدامة والحداثة، ويفتح فرصاً استثماريَّة واقتصاديَّة واعدة، وهو نواة لمدينة مستقبليَّة نموذجيَّة للشباب والجيل القادم، وبتنظيم وتخطيط محكم، تمتد مراحل تطويرها على مدى 25 عاماً وبشكل عابر للحكومات.
ويحدد المشروع استخدامات الأراضي مسبقا بمختلف أنواعها؛ الاستثماريَّة والتعليميَّة والتجاريَّة والصِّناعيَّة والخدميَّة والسكنيَّة والسياحيّة، وبطريقة مستدامة تتوافق مع المخطَّط الشُّمولي وتحديثاته مستقبلاً.
ويعتبر مشروع مدينة عمرة هو مشروع مدينة خضراء يمنح فرصاً للخبراء والشباب للمشاركة في تطوير مدينة مستقبلية نموذجية توفر بدائل سكنية وخدمية حديثة، تعتمد أحدث التقنيات البيئية والتكنولوجيَّة والطاقة النَّظيفة والنَّقل العام.
ضرورة مراجعة مخطط المدينة كل 5 سنوات ضمانة لحماية المشروع
وبهذا الإطار، قال نقيب المهندسين المهندس عبدالله غوشة، إن ما تم الإعلان عنه من الحكومة بشأن مشروع “مدينة عمرة” يحمل جملة من الميزات المهمة، وفي مقدمتها أنها ليست مدينة إدارية ولا عاصمة جديدة، بمعنى أنها لن تشهد نقل الدوائر الحكومية، وإنما تُعد نواة حضرية لتوسع مستقبلي، ومحوراً جديداً للتنمية العمرانية في الأردن.
وأضاف غوشة، خلال حديثه لـ”صدى الشعب”، أن المشروع يمثّل نواة لتجمع عمراني جديد يسهم في خلق محور تنموي إضافي، مؤكداً أن تقسيمه إلى مراحل تطويرية يشكّل أحد أبرز عناصر قوته، خاصة وأن العمل لم يبتدئ بالمدينة بشكل كامل، بل سيتم تنفيذه تدريجياً وفق ما أُعلن عنه في المرحلة الأولى التي تشمل الملعب الدولي، ومركز المؤتمرات، وعدداً من الفراغات والمشاريع الحضرية الجاذبة للسكان.
وأوضح أن هذه المشاريع في بداياتها ستنعكس إيجابياً على قطاع الإنشاءات في الأردن، مبيناً أن هذا القطاع يشغّل أكثر من 65 مهنة مساندة، وهو ما ينعكس على تحريك دورة رأس المال ورفع معدلات النمو الاقتصادي، إلى جانب التخفيف من معدلات البطالة.
وأشار إلى أن إدخال أنظمة تكنولوجية جديدة في قطاع الإنشاءات، ضمن مشروع المدينة، سيُعد نقلة نوعية لهذا القطاع، خاصة أن المدينة وتخطيطها يستندان إلى معايير الاستدامة والذكاء الحضري، ما يتيح فرصة كبيرة للتوافق مع أهم المتطلبات والمعايير العالمية.
وأكد أن الأفكار الحضرية الحديثة لم تعد حكراً على جهات هندسية محددة، بل أصبحت متاحة للجميع، ما يجعل المشروع فرصة لـ تطبيق أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا، خصوصاً في النقل الذكي.
ورأى أن مدينة عمرة يمكن أن تشكل أرضية للانطلاق نحو تطوير البنية التحتية والنقل الذكي في مختلف المدن الأردنية.
وحول المخاطر المحتملة للمشروع، بيّن أن تقسيم المدينة إلى مراحل يخفف من أي مخاطر أو انعكاسات سلبية، مشدداً على أهمية مراجعة المخطط العام كل 3 إلى 5 سنوات لمتابعة المتغيرات واستيعاب المحددات الجديدة التي قد تطرأ على مراحل التطوير.
ولفت إلى أن الشراكة مع القطاع الخاص ستمنح المشروع مصداقية أكبر وإيجابية أوسع، نظراً لدور هذا القطاع في إنجاح المشاريع الكبرى وتعزيز استدامتها.
واعتبر أن من النقاط الإيجابية في المشروع تشكيل مجلس استشاري من الشباب، مؤكداً أن إشراك الفئة المستهدفة في عملية اتخاذ القرار يعد خطوة مهمة، لأن الشباب أكثر قدرة على التعبير عن احتياجاتهم وتطلعاتهم في المشاريع الريادية، الابتكار، والأنظمة الذكية، مشيراً إلى أن هذا الجيل قادر على نقل رؤيته لصاحب القرار التخطيطي بما يخدم مستقبل المدينة.
فرصة لخفض أسعار السكن وتحسين الخدمات
من جانبه قال الخبير الاقتصادي محمد البشير إن الحكومة تُبدي قدراً كبيراً من التفاؤل تجاه مشروع مدينة عمرة، مؤكداً أن الحديث عن إنشاء مدينة جديدة لمعالجة الضغط السكاني والخدماتي على العاصمة عمّان تكرر مراراً، إلى جانب الضغوط التي تعيشها مدن أخرى مثل إربد والزرقاء.
وأشار البشير خلال حديثه لـ”صدى الشعب” إلى أن معالجة هذه التحديات أمر مهم وضروري، إلا أن البدء كان يجب أن يكون عبر تطوير النقل العام الذي تم التطرق إليه كثيراً في السنوات الماضية.
وأضاف أن الذهاب نحو إنشاء مدينة جديدة قد يُفهم على أنه محاولة للهروب إلى الأمام، من خلال البحث عن عاصمة جديدة أو مدينة بديلة تمتاز بالكهرباء النظيفة، والأراضي الأرخص، والشقق الأقل سعراً، وتوافر الخدمات، ووجود مواصلات عامة تربطها بالمحافظات والمناطق. وأوضح أن هذه مزايا وتُعد خطوة إيجابية، شريطة توفير الإمكانات اللازمة لتنفيذها.
وتساءل عن مصادر الاستثمارات التي يُعوّل عليها لتنفيذ المشروع، في ظل شحّ الاستثمار وتواضع المبالغ القادمة إلى الأردن.
وبين أن مشروع مدينة عمرة يُعد حالمًا وطموحًا ، إلا أن تمويله قد يواجه صعوبات حقيقية، وهو ما يشكل التحدي الأبرز أمام تحقيق الأهداف المعلنة.
وفي ما يتعلق بانعكاسات المشروع، أوضح أن المدينة الجديدة ستساعد وبشكل ملموس في حل مشاكل متعددة مرتبطة بالعاصمة والمنطقة الكبرى، كما قد تسهم في تخفيض كلف المساكن نظراً لانخفاض أسعار الأراضي في المنطقة المخصصة للمشروع.
وأضاف أن المدينة ستكون أكثر صحية إذا نُفّذت وفق ما أعلنت الحكومة، من حيث تصميم الطرق، والمساكن الآمنة، والحدائق، والمتنزهات، والمدينة الرياضية.
وأشار إلى أهمية إعادة تكرير المياه واستخدامها ضمن المدينة، إضافة إلى الحاجة إلى استثمار زراعي في المنطقة، ما يستدعي حفر آبار وتنفيذ مشاريع زراعية لدعم احتياجات المدينة المستقبلية وهذه الخطوات يمكن أن تسهم في تخفيض نسب البطالة.
وتوقع أن يتضمن المشروع مستقبلاً جامعة، ومستشفيات، ومراكز صحية، مؤكداً أن ذلك سيحقق فوائد للاقتصاد الوطني وللدولة الأردنية.
وأضاف أن الأردن بات يستقبل أعداداً لا بأس بها من السياح الأوروبيين والأجانب والعرب، وبالتالي يمكن للمدينة أن تكون منطقة جاذبة للترويج السياحي إذا جرى استثمارها بالشكل المناسب، خاصة مع قربها النسبي من مطار الملكة علياء الدولي.
ولم يستبعد أن تضطر الحكومة في وقت لاحق إلى طرح مشروع إنشاء مطار إضافي يخدم المنطقة الشرقية والشمالية، بما يعزز من التكامل اللوجستي والخدماتي إذا توسّعت المدينة مستقبلاً.
وقال إن مشروع مدينة عمرة قد يكون مكتملاً ويحقق أهدافه، إذا ما توفرت له إدارة دقيقة، وتمويل مستدام، وخطط تنفيذية واضحة تضمن نجاحه وتحقيق أثر اقتصادي واجتماعي ملموس.
