صدى الشعب – كتبت – د.ليندا المواجدة
نعم، بكته حرائر الأردن وتغنّين به بأغنية المجد: “يا مهدبات الشمغ غنّن على وصفي”.
نحيي في هذه الأيام ذكرى رمز من رموز الأردن ورجل من رجاله المخلصين وفارس من فرسانه الأوفياء الذين قدّموا للوطن خلاصة فكرهم وعطائهم وكتبوا بدمائهم أروع ملاحم الوفاء والانتماء للقيادة والوطن والأمّة.
اليدّ التي ستمتدّ للأردن أو الأردنيّين سوف تُقطع … هكذا بدأ دولة الشهيد وصفي التل حياته السياسية، وهكذا أنهاها مخزونٌ أردنيّ عظيم لا يتكرّر ،وكما ردد الأردنيون سابقًا وحاضرًا: فوق التل تحت التل… إحنا رجالك يا وصفي التل .
الرجال العظماء يمضون، وتبقى بصماتهم واضحة جليّة تستذكرها الأجيال بكل معاني الفخر والاعتزاز، ووصفي التل واحد من هؤلاء الخالدين في تاريخ الأردن.
مضى وهو قرير العين، متوجّهًا لأداء واجبه القومي في القاهرة، عندما داهمته يد الغدر والخيانة لتقضي على تطلعاته وطموحاته في الوحدة والحرية والديمقراطية.
تصادف غدًا الجمعة الذكرى الرابعة والخمسون لاستشهاد رئيس الوزراء الأسبق وصفي التل، بعد أن طالته يد الغدر في القاهرة أثناء مشاركته في اجتماع مجلس الدفاع العربي المشترك يوم 28 من شهر تشرين الثاني من العام 1971.
تولّى التل منصب رئيس الوزراء في الأعوام 1962 و1965 و1970، وكان من أبرز الشخصيات السياسية في التاريخ الأردني خلال النصف الثاني من القرن الماضي، على المستويين المحلي والعربي.
امتلك رؤية واضحة في العمل العام، وراكم إنجازات كبيرة خلال تولي المسؤولية ، ويُعدّ في مقدمة المسؤولين الأردنيين الذين كانوا وما زالوا محل تقدير أجيال عديدة، لما عُرف عنه من حنكة وقوة شخصية وجرأة ونزاهة.
وقد قرأتُ يومًا في إحدى الصحف أن أقلامًا كثيرة سال حبرها تشيد بالرجل الذي لم يخشَ الموت منذ أن التحق شابًا يقاتل مع رفاقه على أرض فلسطين، إلى أن نالته يد الغدر على أرض الكنانة، وهو يؤكّد لوزراء الدفاع العرب أن تحرير فلسطين ينطلق من بنادق الخنادق لا من شعارات الفنادق .
ولتكن ذكراه العطرة وسيرته الزاخرة نبعًا فيّاضًا تستقي منه الأجيال الصاعدة من أبناء هذا الوطن عزيمتها، لتحقيق أهدافها وإعلاء شأن أمّتها.
وصفي… يا هُدب شماغنا، الذي لا تزال النشميات يغنّين له: يا مهدبات الهدب.
رحمك الله يا رجلًا عاش الأردن في قلبه، ولا يزال حيًّا في قلوبنا .






