صدى الشعب – ليندا المواجدة
حذر د. عادل محمد الوهادنة، في حديثه لـ صدى الشعب من الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية، مؤكدًا أن الظاهرة تتفاقم مع كل موجة فيروسية، وتشكل تهديدًا للصحة العامة في الأردن والعالم.
وقال د. الوهادنة:
شهدت السنوات الأخيرة خصوصًا في أعقاب موجات الفيروسات التنفسية المتتالية انفجارًا مقلقًا في الاستخدام غير الرشيد للمضادات الحيوية بين الناس. ما يبدو للبعض علاجًا سريعًا للزكام أو الإنفلونزا، أصبح اليوم أحد أخطر التهديدات للصحة العامة في الأردن والعالم.
أولًا: حجم المشكلة بالأرقام
الدراسات الإقليمية والعالمية ترسم صورة صادمة:
• أكثر من 70% من وصفات المضادات الحيوية في موجات الفيروسات هي غير مبررة طبيًا (WHO 2024).
• في منطقتنا، يُقدّر أن واحدًا من كل ثلاثة أشخاص يتناول مضادًا حيويًا عند أول ارتفاع في الحرارة—even without bacterial infection.
• 40–60% من المضادات التي صُرفت شتاء 2023–2025 ارتبطت بحالات فيروسية بحتة (إنفلونزا، RSV، كورونا).
• الأردن، وفق تقديرات غير رسمية، يشهد زيادة سنوية تقارب 20% في استخدام المضادات خارج الوصفة، خاصة خلال ذروة الإصابات الفيروسية.
• عالميًا، يموت أكثر من 1.27 مليون شخص سنويًا بسبب العدوى البكتيرية المقاومة للمضادات (Lancet, 2024).
هذه الأرقام تكشف أن المشكلة ليست “سوء استخدام فردي”… بل ظاهرة وبائية سلوكية تتفاقم في كل موسم فيروسي.
ثانيًا: لماذا يشكّل الاستخدام المفرط خطرًا أكبر أثناء موجة فيروسية؟
1. العدوى الفيروسية لا تستجيب للمضادات الحيوية إطلاقًا، ما يجعل استخدامها بلا جدوى طبية.
2. أثناء المرض الفيروسي، يكون الجهاز المناعي في حالة إجهاد، واستخدام المضاد دون داعٍ يؤدي إلى:
• اضطراب بيئة الميكروبيوم بنسبة تصل إلى 35% خلال أسبوع واحد فقط.
• زيادة احتمالية الالتهابات الفطرية (مثل الكانديدا) بنسبة 20–30%.
3. الاستخدام المتكرر للمضادات في موسم واحد يرفع احتمالية المقاومة البكتيرية الشخصية بنسبة 2–3 مرات في الأشهر التالية.
4. في مواسم الفيروسات، تتضاعف طلبات المضادات في بعض الصيدليات بنسبة تصل إلى 150%، ما يخلق ضغطًا سلوكيًا يدفع الناس لتناولها دون تشخيص.
ثالثًا: الأثر السريري طويل المدى
• ارتفاع مقاومة البكتيريا الشائعة (مثل E. coli وStrep pneumoniae) في المنطقة بنسبة 30–40% خلال 5 سنوات.
• تحويل التهابات بسيطة كانت تُعالج بمضاد واحد رخيص، إلى حالات تحتاج مضادات متقدّمة أو دخول مستشفى.
• زيادة حالات الحساسية الدوائية المرتبطة بالمضادات بنسبة 15% — خصوصًا لدى الأطفال.
• احتمالية فشل علاج الالتهابات المستقبلية لأن البكتيريا تعلّمت “التجاهل” بفضل الجرعات العشوائية السابقة.
رابعًا: الخسائر الاقتصادية والاجتماعية
• المضادات الموصوفة بلا داعٍ تكلّف الأسر الأردنية ما يقارب 8–12 مليون دينار سنويًا بشكل تقديري.
• كل حالة مقاومة بكتيرية تُضيف بين 200–600 دينار إضافية على المريض بسبب الحاجة لعلاجات متقدمة.
• العبء الوطني للمقاومة قد يصل إلى 1% من الإنفاق الصحي خلال السنوات القادمة إذا استمر السلوك الحالي.
خامسًا: لماذا يستمر الناس في استخدامها؟
• اعتقاد خاطئ بأن “كل التهاب = مضاد حيوي”.
• ضغط اجتماعي على الأطباء لوصف الدواء.
• نقص الوعي بكون الفيروسات لا تستجيب للمضادات.
• سهولة الحصول على المضادات دون وصفة في بعض الحالات.
• تجارب سابقة يربط فيها الناس التحسّن الطبيعي بعد الفيروس بالمضاد، مما يعزّز “وهم الفعالية”.
سادسًا: أين يكمن الحل؟
المعادلة واضحة: الفيروس لا يحتاج مضادًا… لكن المجتمع بحاجة لتصحيح ثقافة الاستخدام قبل أن نصحو على واقع مقاومة بكتيرية أخطر من أي موجة فيروسية.
الحلول العملية تشمل:
• تعزيز الرقابة على صرف المضادات.
• توعية الجمهور بأن 80% من الأمراض التنفسية شتاءً فيروسية ولا تحتاج مضادًا.
• تطوير بروتوكولات وصف موحّدة.
• حملات إعلامية قصيرة قوية تعتمد على الإنفوغراف — وهي الأكثر تأثيرًا خلال مواسم الذروة.
• دور الأطباء في شرح أن المناعة، لا المضاد، هي التي تعالج الفيروس.
