صدى الشعب – كتبت رُولا حبش
في الطبيعة في درس عجيب:
الصخر عنيد، قاسي، بيصرخ بقوته.
والمي هادية، بتنزلق، ما بتتحدى… لكنها ما بتتراجع.
بتنزل نقطة… وراء نقطة… وراء نقطة
وكل نقطة بتقول للصخر: أنا مش جاي أقاتلك، أنا جاي أغيّرك.
ومع الوقت، الصخر اللي كان يفتخر بصلابته، بصير فيه ممر صغير… وبعدين شق… وبعدين مجرى كامل.
القوة ما انتصرت.
اللين هو اللي انتصر.
هيك بالضبط قلوب البشر.
القلب القاسي ما بتفتحه المواجهة ولا المواعظ الجافة ولا النقد الحاد.
القلب القاسي بيستسلم لما يحس إنك مش جاي تنتصر عليه… إنت جاي تفهمه.
الناس الصعبة مش أشرار، هم ناس تعبانين، خايفين، عندهم ندوب قديمة.
ولما تلاقي شخص هيك وبتعامله بطيبة حقيقية… مش طيبة بتستنى مقابل…
طيبة طالعة من مكان نظيف…
بتصير مثل نقطة المي.
بتروح على أعمق شرخ داخله وبتقول له:
“أنا هون… ومش راح أستخدم قوّتي عليك.”
والمفارقة إنو اللطف مش ضعف.
اللطف ذكاء.
اللطف جرأة.
اللطف هو الأداة الصغيرة اللي بتفك أقوى الأقفال.
يمكن أصعب إنسان بحياتك يتحول فجأة لشخص خجول، لطيف، متعاون… مش لأنه تغيّر فجأة، بل لأنه أخيراً حسّ بالأمان.
ومشاعر الأمان بتعمل أشياء ما بتعملها كل قوانين البقاء.
نقطة المي ما غيرت الصخر لأنها هاجمته…
غيرته لأنها استمرّت بحنان.
وإحنا البشر لازم نشتغل بنفس القاعدة:
لما نلاقي قدّامنا شدة… نقدّم لين
لما نلاقي صراخ… نقدّم هدوء
لما نلاقي جرح… نقدّم شفاء
وهيك، أسوأ الناس ممكن يتحولوا لأفضل النسخ من أنفسهم…
بس بدها إنسان يفهم إن القوة الحقيقة مش بالقسوة
ولا بردّ الفعل
ولا بالسيطرة…
القوة الحقيقة باللمسة الحنونة اللي بتذيب صخور الأرواح،
وبتفتح ممرات جديدة ما كان حدا متخيّل إنها ممكن تنفتح.
وبين كل نقطة ونقطة…
بيتغيّر عالم كامل….






