صدى الشعب – ليندا المواجدة
في زمن سريع التغير، تتبدّل اللهجات وتتلاشى التفاصيل الصغيرة أمام زخم العالم الرقمي، يبقى التراث الجذر الثابت الذي يحفظ ذاكرة الإنسان ويعيده إلى أصالته. وفي هذا العالم المفتوح، بات صانع المحتوى بوابة الناس لمعرفة تاريخهم، ومسؤولًا بشكل مباشر عن صورة وطن وهوية شعبه.
ومن بين الأصوات التي نجحت في الحفاظ على التراث وإيصاله بروح عصرية قريبة من الجمهور، يبرز المهندس سائد السردي، الذي استطاع أن ينقل الأمثال والعادات البدوية إلى منصات السوشيال ميديا بأسلوب يجمع بين المعرفة والبساطة والتأثير العاطفي.
حول بدايته في توثيق التراث، قال السردي لـ”صدى الشعب” بدأت مشواري كمهندس، لكن البيئة التي نشأت فيها، ودعم الأسرة، جعلاني أقرب إلى ذاكرة البادية وحكاياتها. شعرت أن عليّ أن أنقل هذه القيم والأمثال إلى الناس بطريقة حديثة تصل للجميع بلا تصنع. وأضاف توثيق التراث اليوم أصبح ضرورة ثقافية للحفاظ على الهوية الأردنية والعربية، ولحماية ذاكرة الشعب من الضياع. الجيل الجديد ما زال مرتبطًا بجذوره، لكن سرعة الحياة تخلق فجوة تحتاج جهودًا أكبر لتجسيرها.
وأشار السردي إلى أن توثيق التراث ليس مجرد تسجيل للأمثال والعادات القديمة، بل هو عملية بناء ذاكرة مشتركة للأجيال القادمة تساعد على فهم جذور المجتمع وقيمه، وتمنح الشباب فرصة للتعرف على ثقافتهم وهويتهم بشكل مباشر ، أي قصور في التوثيق يعرض هذا الإرث للضياع أمام سرعة الحياة وتداخل الثقافات الحديثة حيث ان المحافظة على التراث مسؤولية جماعية لنقل العادات والتقاليد والقيم بطريقة صحيحة يعزز الانتماء الوطني ويحفز الأجيال الجديدة على الفخر بجذورها.
وحول تجربة تقديم الأمثال والعادات البدوية، قال السردي: الناس يحبون المحتوى التراثي لأنه بسيط وصادق أولًا، ويستحضر هوية مشتركة يعيشها الأردنيون والعرب ثانيًا منصات التواصل الاجتماعي، رغم ضجيجها وكثرة المحتوى، أصبحت وسيلة قوية لنشر المعرفة بشرط تقديمها بشكل صحيح وواقعي.
وحذّر السردي من خطر تقديم التراث بصورة مبالغ فيها أو سطحية السوشيال ميديا سلاح ذو حدين ، يمكن أن تشوه التراث إذا استُخدمت بطريقة خاطئة، لذا يجب أن نقدمه بما يحفظ قيمه وعاداته الأصيلة خاصة أن اليوم صانع المحتوى التراثي يتحمّل مسؤولية كبيرة، لأن ما يقدمه لا يمثل نفسه فقط، بل صورة البادية والعشائر الأردنية أمام العالم خاصة ان أكثر ما أقدمه هو الأمثال البدوية والشعر الذي يطلبه المتابعون، لأنه يعيد الناس إلى جذورها ويشعرهم بالانتماء.
ورغم النجاح الذي حققه، أشار السردي إلى التحديات: نواجه تحديات مثل التنمّر أو الاتهام بالتقليل من الحداثة، لكن التراث ليس نقيضًا للمعاصرة، بل هو ركيزة يمكن البناء عليها في عالم رقمي متغير ، يجب تقديم التراث بعيدًا عن الاستعراض والتركيز على المحتوى الذي يعكس حقيقة العادات الأصيلة.
وتحدث السردي عن بدايته في مواقع التواصل الاجتماعي: بدأت بالنشر عن عادات وتقاليد البادية والعرب، والقصص العربية والأمثال الشعبية في فيديوهات قصيرة بهدف تعريف مختلف المجتمعات بالثقافة الأردنية.
وفي ختام حديثه، شدد السردي على أهمية الحفاظ على التراث الأردني: التراث الأردني ليس مجرد ماضٍ يُروى، بل روح حية تشكل حاضرنا ومستقبلنا ، الحفاظ عليه ونقله للأجيال القادمة واجب وطني وثقافي، يعكس أصالة الأردن وقوة هويته في مواجهة كل موجات التغيير، ويضمن أن تظل قيمه وعاداته جزءًا لا يتجزأ من حياة كل مواطن أردني.






