صدى الشعب – كتبت رُولا حبش
حين يهبّ البرد ويبدأ المطر بالهطول، كأن شيئًا في الداخل يستيقظ. شيء قديم، دافئ، يشبه تلك اللحظة التي نسمع فيها موسيقى كانت جزءًا من ماضٍ جميل. الشتاء له طريقة خاصة في فتح الأدراج المخفية في القلب.
ربما لأن أصوات المطر تشبه نبضات قديمة نسينا أن نتذكرها…
وربما لأن برودة الجو تجعلنا نبحث عن دفء الروح قبل دفء الأغطية…
أو ربما لأن السماء حين تمتلئ بالغيوم تمنحنا مساحة لنتأمل، فنرى ما مرّ بنا بوضوح أكبر.
الشتاء يعيد كل شيء إلينا:
رائحة الأماكن التي أحببناها…
وجوه مرّت في حياتنا وتركت أثرًا…
لحظات ضحك، لحظات فقد، ولحظات تمنّينا لو تعود كما كانت.
هناك شيء في الشتاء يلمس أعمق نقطة داخل الإنسان.
ربما لأن الهدوء المحيط يمنح القلب فرصة للكلام، فيبدأ يسرد قصته…
نسمع همسه، ونسافر في أجوائه، ونلتقي بأنفسنا القديمة التي تركناها في محطات مختلفة من العمر.
لهذا يعود بنا الشتاء إلى الذكريات العاطفية.
لأنه يخفّض ضجيج العالم من حولنا، فيرتفع صوت المشاعر.
لأنه يجمع بين البرد في الجو والدفء داخل الروح، وهذا التناقض يجعل الذاكرة أكثر حضورًا، وأكثر صدقًا.
ويمكن اليوم… يكون فرصة صغيرة للعودة إلى الداخل.
اكتبوا تأمّلاتكم، حتى لو كانت سطرًا واحدًا.
اكتبوا ما تشعرون به حين تلمسكم أول قطرة…
اكتبوا عن ذكرى عادت، أو شعور ظهر فجأة، أو فكرة أضاءت القلب مثل شمعة.
فالشتاء ليس فصلًا يُعاش فقط…
الشتاء يُكتب، ويُحسّ، ويُترك أثره في الروح طويلاً ..






