صدى الشعب – كتبت د.خديجة المصري
حين تصبح الحماة الضيف المقيم في بيت الزوجية وما بين الواجب والتوتر والإختناق داخل البيت تبدأ الحكاية في بيوت كثيرة بنية طيبة، ودفء عائلة تجمعها الرحمة.
تنتقل الحماة الى بيت ابنها بعد مرض أو وفاة زوجها أو لظرف خاص وطارئ فيفتح لها الباب بحب وتقول زوجته “أكيد مكانها معنا ” لكن شيئا فشيئا يتغير الايقاع داخل البيت.
تبدأ الهمسات تتراكم المشاعر غير المعبر عنها وتتحول التفاصيل الصغيرة إلى شرارات صراع خفي.
في لحظات كثيرة لا تكون المشكلة في الحماة بقدر ما تكون في غياب الوعي النفسي داخل الأسرة.
الكبار في السن يبحثون عن الأمان والانتماء بعد عمر من العطاء يخافون أن يصبحوا عبئا أو منسيين .
بينما الجيل الأصغر يعيش ضغوط الحياة السريعة مسؤوليات الأبناء والعمل فيضيق صدره دون قصد ليترجم التعب على شكل تذمر أو نفور.
القصة هنا ليست من يخطئ بل من لا يسمع أو عنده قدرة التواصل ليفهم الآخر فنجد من السهولة القاء الأسباب على الآخر أو التعذر خصوصي إن لم يحصل ما نريد .
فالزوجة التي تشعر أن خصوصيتها سلبت وأنه دخل عليها شخص خرق نظامها كله في بيتها تحتاج أن تعبر دون خوف من الحكم.
أما الابن الذي يجد نفسه ممزقا بين أمه وزوجته وأولاده يحتاج أن يتعلم مهارة رسم الحدود بالحب.
أما الأم الكبيرة فهي تحتاج من يعاملها بكرامة لا بشفقة ومن يسمعها لا ليتناقش معها بل ليطمئن قلبها خصوصي اذا كانت بمرحلة العجز أو عندها مرض مزمن.
إن وجود الكبير في البيت ليس اختبارا في الصبر فقط بل مرآة لوعينا الإنساني.
كيف نراه هل هو عبئا أم فرصة؟ هل يعيش معنا لنرضي ربنا وضميرنا ونكون قدوة لأولادنا أو نرضي المجتمع والواجهة الخارجية؟
ربما نحن نحتاج أن نعيد تعريف ما هو البر ليشمل الوعي بشكل شامل فالنية الطيبة وحدها لا تكفي إن لم يرافقها وعي وتنظيم وحدود تحفظ راحة الجميع.
لذلك النية الطيبة لا تعني أن نهمل راحتنا فالمحبة تدار بحكمة ومشاعرنا تدار بوعي لا بتنازل على حساب أنفسنا كما أن وجود الكبير بالسن في البيت يحتاج لتنظيم يومي يراعي خصوصية الجميع دون إشعار أحد بالذنب
كما علينا أن ننتبه بأن لا نسارع بالرد أو الدفاع عليه فرب كلمة طيبة تهدئ قلوبا مثقلة بالسنين والتعب.
أخيرا ليس ضعفًا أن تطلب الأسرة دعمًا من مختص أو من أحد الأقارب فالحفاظ على التوازن يحتاج وعيا فرديا وجماعيا .
فلنجعل من بيوتنا مساحات توازن لا ميادين صراع ولنتذكر أن من نراه اليوم عبئا كان بالأمس سببا في وجودنا والدائرة تدور والحياة مستمرة.
مستشارة في الصحة النفسية وإدارة السلوك الإنساني
كوتشينغ في العلاقات الزوجية والأسرية






