صدى الشعب – كتب ماهر ماجد محمد البطوش
في الآونة الأخيرة وفي عصر الانفتاح الإعلامي والانتشار السريع للمعلومات من خلال الوسائل الإخبارية والمنصات الرقمية، باتت الصحف الإخبارية تسعى لتغطية الأحداث والشخصيات العامة بما في ذلك القادة العسكريون وأصحاب المناصب الحساسة في القوات المسلحة؛ وبالأغلب عند تناولها لهذه التغطيات تقوم بالتعريف بسيرة هؤلاء الأشخاص سواء من خلال إبراز إنجازاتهم المهنية أو التطرق لمسيرتهم الوظيفية والمناصب التي شغلوها.
إلا أن مثل هذه التغطيات تثير جدل واسع حول حدود ما يمكن ان يتم نشره وبالأخص عندما يتعلق الأمر بشخصيات عسكرية؛ حيث إن هؤلاء الأفراد يمثلون جزء من منظومة سيادية مرتبطة بأمن الدولة وحمايتها، فالجيش مؤسسة وطنية ترتكز على مبدأ السرية والانضباط، ويعتبر العسكري ملك لهذه المؤسسة (الجيش) لا لنفسه، وهذا يعني أن سيرته الوظيفية ومهامه العسكرية ليست معلومات عامة ومتاحة ويسمح نشرها دون ضوابط.
إن نشر مثل هذه التفاصيل الدقيقة عن الشخصيات العسكرية كطبيعة مناصبهم السابقة ومهامهم ومواقع خدمتهم، ربما يعتبر كشف لمعلومات حساسة قد تعرض الأمن القومي للخطر، فالمؤسسات العسكرية في أي دولة تعتمد على مبدأ السرية لضمان كفاءة عملها وسلامة منتسبيها وأفرادها، وعليه يجب أن تلتزم وسائل الإعلام بالضوابط المهنية والقانونية التي تضعها الدولة لحماية هذه المعلومات.
وتختلف الدول في تنظيم هذه المسألة؛ فهناك أنظمة تشريعية تضع قيود صارمة على الإعلام فيما يخص النشر عن الشخصيات العسكرية، ففي بعض الدول يعتبر نشر أي معلومة تتعلق بالمناصب أو العمليات العسكرية جريمة يعاقب عليها القانون، بينما تسمح دول أخرى بتغطية محدودة وموجهة على ألا تضر بالأمن القومي.
أيضاً يبرز هذا الموضوع أهمية التوازن بين حق الجمهور في المعرفة وواجب الدولة في حماية أسرارها العسكرية. فالصحافة تعتبر ركيزة أساسية في المجتمعات الديمقراطية، لكن أن هذا الحق يجب أن يمارس بمسؤولية، حيث يتم التركيز على الجوانب العامة والإنجازات التي تخدم المصلحة الوطنية، دون الدخول في تفاصيل ربما تستغل من قبل جهات معادية.
وفي الختام تبقى مسؤولية الإعلام كبيرة في هذا الإطار، حيث ينبغي عليها الالتزام بأخلاقيات المهنة والقوانين النافذة والتعامل مع الشخصيات العسكرية باعتبارها جزء من منظومة سيادية؛ كما يجب على المؤسسات العسكرية أيضاً وضع سياسات واضحة للتعامل مع وسائل الإعلام لضمان تقديم المعلومات التي تخدم الصالح العام دون الإضرار بالأمن الوطني.






