2025-12-05 | 10:25 مساءً
صحيفة صدى الشعب
  • الرئيسية
  • محليات
  • عربي دولي
  • جامعات
  • اقتصاد
  • الرياضة
  • تكنولوجيا
  • أخبار الفن
  • صحة و جمال
  • وظائف
  • تلفزيون صدى الشعب
  • عدد اليوم
    • الصفحات الكاملة لصحيفة صدى الشعب PDF
No Result
View All Result
صدى الشعب
Home كتاب وأراء

في قبضة الإستعمار العصبي .. شبابنا بين المقاومة والهروب

السبت, 1 نوفمبر 2025, 0:07


صدى الشعب – كتبت – المحامية هبة أبو وردة

في عالم السياسة، إذا أردنا أن نعرف أين تكمن قوة الدول، فعلينا أن ننظر إلى حيث يوجّه العدو سهامه؛ ولطالما كان شباب الأردن العصب الحيّ الذي ينبض به الوطن، فكان الطريق الأهم للنيل منه محاولة تفكيك عزيمة أبنائه، لذلك لم يعد الحديث عن آفة المخدرات مقتصرًا على كونها مشكلة صحية أو جنائية.
فقد أصبحت عنصرًا محوريًا في حرب خفية تستهدف الجبهة الداخلية للوطن، أعلنتها الأيادي العابثة بداية بزرع قواعدها في ساحة العقول، ورسخت فيها بذور الإحباط ووهم اليأس، ورسمت عالمٍ موازٍ شوهت به صورة الأردن، مما إغتال الثقة بالذات الوطنية، وزرع في نفوس الشباب هاجس البحث عن بديل وهمي في عالم آخر بعيد عن جذورهم وقيمهم ووطنهم.
بدءًا من تغذية الإعلام بالسلبيات ونقل الأخبار السوداوية عن التحديات المحلية، مرورًا بوسائل التواصل الاجتماعي الملغومة بالمعلومات المضللة التي تدعو الشباب إلى تضخيم صورة الغرب بوصفه الملاذ السحري، ومفتاح للسعادة والفرص التي لا تتوفر هنا، وصولًا إلى استغلال برامج التبادل الثقافي والدعم الخارجي، وإشراك نخبة الشباب في أنشطة ممولة تبدو تعليمية وثقافية واقتصادية، لكنها في جوهرها حملات لغسيل العقول الواعدة، وزرع قيم بعيدة عن الهوية الوطنية.
لقد كانت هذه الأدوات كفيلة بزعزعة الأمل في الوطن واهتزاز الثقة في مقومات مستقبله، حتى نضج الشعور بالعجز واليأس، وأصبحت هذه المعاناة الجمعية وقودًا للهروب، وانزلق من لم يحظ بفرصة الهجرة الواقعية، إلى الهروب الخفي نحو اللاوعي؛ فهي هجرة داخلية يائسة، بحثًا عن خلاص زائف من الألم والفراغ، فقد حذر العديد من المفكرين، وعلى رأسهم إريك فروم، من هذا المسار حين بيّن أن الإنسان المعزول قد يلجأ إلى طقوس الانعتاق الفردية مثل الاغتراب أو الإدمان، كوسيلة وهمية للنجاة من الألم الداخلي.
فتجلّى الوقت مثاليًا لتفجير القنبلة الناعمة الفتاكة بالمخدرات، فتسللت هذه الآفة إلى عقول كثير من الشباب صناع الرأي والإرادة، وروجت لهم بوصفها الملاذ الآمن للهروب النفسي من وطن جُرِّد أمام أعينهم من الأمل والمعنى، مما غدا واضحًا أن ما يجري ليس سوى استعمارٍ من نوع جديد؛ يجتاح أعصاب الوطن عبر شبابه، يهدف إلى تفكيك جبهاته الداخلية وتضييق هامش صموده من الداخل.
بيد أن هناك فئة من الشباب لم تتمكن الأيادي الخفية من زرع بذور الإحباط في نفوسهم، إذ امتلكوا من السعي والأمل ما يكفي للصمود، لكن حتى هؤلاء وُجهت إليهم حملات ملتوية؛ وتم التسلل إليهم عبر بوابات الاجتهاد، فشهدنا حملات تزعم أن حبوب الكبتاجون مواد منشطة تساعد على السهر وزيادة التركيز في الدراسة، فأغرت بعض المجتهدين ظنًا منهم أنها وسيلة لتحقيق المزيد من الإنجاز.
ومما لا شك فيه أن الاستعمار الحديث أصبح أكثر دهاءً ومكرًا؛ فلم يعد محصورًا بالأدوات التقليدية التي تترك أثرًا واضحًا يكشف نواياه، بل تحوّل إلى استعمار خفي يعتمد على قوة ناعمة ناعسة تحقق أهدافه عبر الجذب لا الإرغام، وتهدم المعنويات تدريجيًا.
فقد سارت هذه الأيادي عبر خطط مدروسة متوافقة مع الأسباب النفسية للإدمان، فقد فسرت نظرية العجز المكتسب (سيليجمان) الإدمان كنتيجة لإحساس متكرر بالعجز تجاه ضغوط الحياة، حيث يؤدي استمرار الفشل وعدم الأمل في التغيير إلى تطور شعور عام بالعجز والاكتئاب، ما يدفع الفرد لاحقًا إلى البحث عن ملاذ وهمي عبر تعاطي المخدرات كوسيلة للهروب المؤقت من الإحساس بضيق السيطرة والعجز عن مواجهة الواقع.
لم تعد المخدرات مجرد مواد محظورة يُجرَّم القانون صانعها وتاجرها ومتعاطيها، بل باتت أداة استعمار عصبي حقيقي، ولم تعد مكافحة المخدرات نزاعًا مع أجساد تتعاطى، وتجار بأهداف إقتصادية، حيث أنه في العمق المتعاطي هو شاب وقع ضحية معضلة مركبة؛ بين الإحساس بالخذلان، والفراغ الروحي، وانعدام الأمل، وعندما عجز عن احتواء هذا الألم، سعى إلى الأمل الزائف والأمان البديل في سمٍّ يدمّره.
كما أن التاجر ما هو إلا أداة لاستراتيجيات تهدف لإغراق وطننا في مستنقع الضياع، وتحويل شبابنا إلى أدوات لزعزعة الاستقرار؛ حرب تُخاض على جبهتين، عسكرية تسعى إلى تدمير الأجساد وشل التفكير النقدي، واغتيال الأحلام، وتفرغ الوطن من طاقاته المنتجة، وسياسية تهدف إنهاك جهود الأمن الوطني بإشغاله بمواجهة هذه الآفة عوضًا عن التركيز على تحديات أخرى.
أصبحت آفة المخدرات جزءًا من استراتيجيات الاستهداف الدولي لأمن الدول، ولم يعد يخفى على العقول الواعية أن بعض القوى العالمية تنظر إلى تجارة المخدرات كسلاح حربي بالغ الأثر؛ إذ ورد في تقرير أمريكي حديث أن الصين استغلت الأفيونات الاصطناعية ضمن ما يسمى بـ”الحرب غير المحدودة” بهدف إضعاف خصومها من الداخل.
وعلى الصعيد المحلي، تؤكد الوقائع أن الأردن بات مستهدفًا بصورة ممنهجة؛ فقد أشار الخبراء إلى أن قضية الكبتاجون أصبحت أولوية أمنية وطنية، بعدما غدا تدفق هذه المادة إلى البلاد غاية بحد ذاتها لزعزعة أمن الأردن الداخلي عبر تكتيكات غير تقليدية وخطيرة، تزود الأسواق المحلية بالمخدرات تحت غطاء بريء مخادع، ولا يكتشف المتعاطي إلا بعد فوات الأوان أنه مجرد كبش فداء في لعبة قذرة تهدف إلى تحويله إلى أداة تدمير تخدم أجندات خارجية.
الأردن يعي تمامًا أبعاد هذه الآفة الخطيرة، وقد تعامل معها بطريقة عملية وشاملة، فقد جعل جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم مكافحة المخدرات أولوية وطنية قصوى، مشددًا على ضرورة التصدي لها بكافة الوسائل الممكنة، كما وجّه مدير الأمن العام إلى مواصلة الجهود الحثيثة لمكافحة تهريب المخدرات دون هوادة.
وبالتوازي، شُكّلت حملات توعوية وطنية، حيث أطلقت مديرية الإعلام العسكري جولات ميدانية للصحفيين والخبراء إلى المناطق الحدودية لعرض حجم الخطر الذي يتهدد الوطن، لكن رغم الجهود الأمنية المشهودة، أكد المراقبون أن هذه الظاهرة لن تُحسم عبر الوسائل الأمنية وحدها، بل تتطلب جهودًا مجتمعية مستدامة على كافة المستويات، مما يستوجب تبنّي مقاربة شاملة تدمج بين الإجراءات الأمنية والحلول الاجتماعية والثقافية لتجفيف منابع الخطر وتعزيز صمود المجتمع الأردني في وجه هذه الحرب الخفية.
فكما تحرص مؤسسات الوطن على حماية حدود الأرض، ينبغي على الأسرة والمدرسة والمجتمع أن يحرصوا على حماية حدود العقل من غزو المخدرات؛ إذ إن العدو الخارجي لا يعتدي على جسد سليم الإيمان والإرادة، فالوطن يحتاج إلى جبهة نفسية متماسكة حصينة تماما مثل حاجته إلى جبهة عسكرية؛ وكما قال حماة الحضارة قديمًا “خيرُ ما يحمي الإنسانَ دينُه وعقلُه”.
فعلينا أن نكون على قدر المسؤولية تجاه أمن الوطن، بإعادة الأمن النفسي إلى نفوس أبنائه، وأن نداوي جراح شبابنا ونغرس فيهم من جديد قيم المعنى والانتماء، لبناء مستقبل مشرق يبدأ من أذهان جيل يعي قيمته وقدره، لأن كل شابٍ يُفقد للمخدرات، تتبعثر معه قطعة ثمينة من نسيج المجتمع الأردني، وتضعف معها جبهة الدفاع عن مستقبل هذا الوطن الأبي.
وهنا نستحضر حكمة فيكتور فرانكل “الشفاء الحقيقي يكمن في العثور على معنى يستحق العيش من أجله” فعلى غرار الجندي الذي يدافع عن وطننا بالسلاح، ينبغي على كل شاب أن يدافع عن روحه بالمعرفة والإرادة الصافية؛ لأن “سلامة الجبهة النفسية للأجيال” هي إحدى الركائز الأساسية لصمود الوطن واستمراريته.
وهنا تتجلى أهمية تعزيز برامج التثقيف الصحي والنفسي في المدارس والجامعات، إلى جانب توسيع نطاق خدمات التأهيل والعلاج المجاني للمدمنين، وتفعيل شراكات فعالة بين الحكومة والمجتمع المدني والأسرة، لتشكيل جبهة داخلية موحدة، للنهوض بوعي المجتمع، ودعم المتعافين نفسيًا واجتماعيًا، والضرب بيد من حديد على قوى الاتجار بالمخدرات، هي السُبل المثلى لكبح هذا الخطر الداهم والحفاظ على أمن الأردن وصحة أبنائه ومستقبل أجياله.
إننا نعي تمامًا أن الأردن اليوم يواجه تحديًا بالغًا في مجال مكافحة المخدرات، وأن الجهات الأمنية والمؤسسات المختصة، كالقوات المسلحة، والدرك، والجمارك، وإدارة مكافحة المخدرات تقوم بجهود مكثفة لا تعرف الكلل للحد من انتشار هذه الآفة، إلا إننا إذ نشكرهم بإجلال، فإننا ندرك أن المسؤولية مشتركة على أعناقنا جميعا، ابتداءً من الأسرة والمدرسة، إلى الإعلام والمجتمع المدني، وعلينا أن نتقاسم هذا الحمل وأن نصون جبهة شبابنا النفسية والفكرية، لنعيد إلى وطننا شباب يرفع راية الإرادة والمعرفة، ويرمي راية الخمول والتعاطي؛ فالأردن يستحق عزيمة أبنائه، انتماءهم وإيمانهم الراسخ به.

ShareTweetSendShare

أخبار أخرى

كتاب وأراء

السوار الإلكتروني في القضايا الشرعية .. خطوة تُضعف العدالة الأسرية

الجمعة, 5 ديسمبر 2025, 15:15
كتاب وأراء

البيت الذي كان أماناً .. يتحوّل فجأة إلى مال مشاع

الخميس, 4 ديسمبر 2025, 20:39
كتاب وأراء

الضمان الاجتماعي فرصة لحوار وطني يعيد تقييم الأولويات

الأربعاء, 3 ديسمبر 2025, 23:56
كتاب وأراء

قانون النفقة الأردني بضع قروش مقابل أربعة شهور سجن

الأربعاء, 3 ديسمبر 2025, 23:28
كتاب وأراء

الوجه الأخر للزواج

الأربعاء, 3 ديسمبر 2025, 23:11
كتاب وأراء

التعديل المرتقب والاستثمار في مستقبل الدولة

الأربعاء, 3 ديسمبر 2025, 14:51
  • سياسة الخصوصية
  • من نحن
  • اعلن لدينا
  • اتصل بنا

© 2023 جميع الحقوق محفوظة لصحيفة صدى الشعب الاردنية اليومية

No Result
View All Result
  • الرئيسية
  • محليات
  • عربي دولي
  • جامعات
  • اقتصاد
  • الرياضة
  • تكنولوجيا
  • أخبار الفن
  • صحة و جمال
  • وظائف
  • تلفزيون صدى الشعب
  • عدد اليوم
    • الصفحات الكاملة لصحيفة صدى الشعب PDF

© 2023 جميع الحقوق محفوظة لصحيفة صدى الشعب الاردنية اليومية