لم نكن لنظفر بحقوق الإنسان التي ننعم بها حاليا سوى عبر نضال خاضه قلة من الناس رفضوا الامتثال للوضع القائم
بينما كنت أعكف على البحث عن مصادر استعين بها لكتابة هذه السطور، دارت بيني وبين زوجتي محادثة بسيطة، بدأت بطرحها السؤال التالي عليّ: “ما الذي تعكف على إنجازه اليوم؟”، فأجبتها قائلا: “أكتب مقالا عن `الذاكرة المراوغة`، وهو أحد المصطلحات المتخصصة في علم النفس”.
عبست زوجتي، عندما سمعت إجابتي. عندها مِلتُ بجذعي إلى الأمام، وطفقت في الحديث معها بلهجة تعليمية وبشكل متعال قائلا: ” `الذاكرة المراوغة` في الأساس مصطلح يصف الحالة التي يتصور فيها المرء أن شيئا ما، نسي من أخبره به أو أين قرأه، هو من بنات أفكاره. أما مقالي فيدور حول هذا الأمر، عندما يحدث على مستوى مجتمعي”.
حينها قالت لي زوجتي: “لا يمكن أن تكون جادا، هل تمزح؟. لقد قلت لك من قبل عن هذا الموضوع”.
كانت على حق. وهو ما يعني ببساطة أنني وقعت في الفخ نفسه، إذ أكتب مقالا يتناول فكرة عرفتها منها، ونسيت مصدرها. فهذه السطور، تدور على وجه التحديد، عن نوع من أنواع الاستيلاء على الأفكار. لكنني لا أكرسها لبحث مسألة حدوث هذا الأمر على المستوى الفردي، وإنما بنمط منه أكثر إشكالية، يرتبط بممارسته على نطاق أوسع، ويُعرف بـ “الذاكرة المجتمعية الخفية” أو بالأحرى “الذاكرة المجتمعية المراوغة”. ويصف هذا المفهوم، فشل المجتمعات في أن تُرجع الفضل للقلة من بنيها، على صعيد الدور الذي اضطلعوا به في إحداث التغيير الاجتماعي.
وقد حلا لي أن أبدأ سطوري، بحالة توضيحية، ربما يروق لي أن أظن أيضا، أنني تذكرتها من تلقاء نفسي، لكن التفكير مليا في الأمر، يجعلني أخلص، إلى أنني انتبهت إليها بفضل شيء ما قرأته.
تخطى مواضيع قد