القضاة لـ(صدى الشعب): الصحفي المحترف لا يسابق مواقع التواصل بل يقودها بالمهنية
عناتي لـ(صدى الشعب): الصحافة مسؤولية قبل أن تكون حقًا في التعبير
صدى الشعب _ أسيـل جمـال الطـراونـة
في ظل التحولات السريعة التي يشهدها المشهد الإعلامي وتزايد تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، تبرز تساؤلات جوهرية حول مدى التزام الصحفيين بأخلاقيات المهنة، وكيفية تحقيق التوازن بين حرية التعبير والمسؤولية الأخلاقية في ظل الضغوط المهنية والسياسية.
تقول الدكتورة مي عناتي، خبيرة في مجال الإعلام، في حديثها لـ”صدى الشعب”، إن الصحافة مسؤولية قبل أن تكون حقًا في التعبير، مؤكدة أن الموازنة بين الحرية والأخلاق تتحقق حين يدرك الصحفي أن الكلمة قد تُحدث فرقًا في وعي الناس ومصير الأفراد والمؤسسات.
وأضافت عناتي الحرية لا تعني الفوضى أو الإساءة، بل القدرة على طرح الحقيقة بشجاعة دون ظلم أو تهويل.
وأضافت المعيار الحقيقي هو: هل ما أكتبه يخدم الصالح العام ويحترم كرامة الإنسان؟ إن كانت الإجابة نعم، فقد تحقق التوازن المطلوب.
وفيما يخص تطبيق أخلاقيات المهنة، أوضحت عناتي أن الالتزام بها لم يعد كما يجب دائمًا، بسبب ضغط المنافسة وسرعة النشر، ما جعل بعض المؤسسات تتغاضى عن معايير التحقق والمصداقية.
وأضافت لا يمكن التعميم، فما زال هناك صحفيون ومؤسسات تحافظ على مهنيتها وتعتبر الأخلاق جزءًا من هويتها التحريرية.
وأكدت على أن المطلوب اليوم هو إعادة ترسيخ ثقافة الضمير المهني داخل غرف الأخبار، خصوصًا في ظل ثورة الذكاء الاصطناعي والمحتوى المضلل.
وبينت عناتي أن أهم القيم التي يجب أن يتحلى بها الصحفي المحترف هي الصدق، الأمانة، النزاهة، والاحترام، مؤكدة أن هذه ليست شعارات بل أدوات عمل حقيقية.
وقالت الصحفي المحترف لا يكتب لإرضاء جهة أو جمهور، بل ليقدم رواية دقيقة ومتوازنة، ويتعامل مع المعلومات بمسؤولية وتحليل، لا بنقل حرفي.
واعتبرت أن الضغوط المهنية أو السياسية لا تُبرر التنازل عن القيم، مشددة على أن الأخلاقيات ليست ترفًا بل بوصلة مهنية، قائلة كلما زادت الضغوط، زادت الحاجة للتمسك بها. قد يخسر الصحفي فرصة، لكنه لا يجب أن يخسر سمعته أو ضميره.
من جانبه، قال الصحفي خالد القضاة في حديثه لـ”صدى الشعب” إن الموازنة بين حرية التعبير والمسؤولية الأخلاقية تبدأ من تقدير القيمة الخبرية لأي معلومة يريد الصحفي تطويرها إلى خبر.
وأوضح القضاة أن الصحفي عليه أن يسأل نفسه قبل النشرما القيمة الإخبارية للموضوع؟ ولماذا أريد الكتابة عنه؟ ومن المعنيون به؟ وماذا يجب أن يعرفوا؟،مشيرًا إلى أنه إذا وجد أن هناك نوازع شخصية وراء النشر، فإن حرية التعبير تتحول إلى ابتزاز أو سعي وراء الشهرة والإثارة على حساب القيمة الإخبارية.
وأضاف القيمة الإخبارية هي التي تحدد العلاقة بين حرية التعبير والمسؤولية الأخلاقية. فإذا كان الخبر يضيف قيمة للناس ويؤثر إيجابيًا على الأطراف، فهو ضمن الإطار الأخلاقي الصحيح.
وفي ما يتعلق بتطبيق أخلاقيات المهنة، يرى القضاة أنها لا تطبق كما يجب في الإعلام اليوم بسبب التنافس الشديد على السبق الصحفي، قائلاً “أحيانًا البحث عن السبق يمس الأخلاقيات مثل نشر صور لأشخاص في حالات هشاشة، وهو ما ينافي قيم المهنة.
كما أن كثيرًا من وسائل الإعلام أصبحت تتبع شبكات التواصل الاجتماعي من خلال العناوين المثيرة أو الصور المركّبة والمحتوى المنقوص، بحثًا عن الانتشار.
وأشار القضاة إلى أن ظاهرة المواطن الصحفي فاقمت هذا التحدي، موضحًا ما يُمارس على شبكات التواصل هو حرية تعبير وليس حرية صحافة، لأن الصحافة لها مواثيقها وسياساتها التحريرية داخل مؤسساتها.
وشدد القضاة على أن الصحفي المحترف هو من يقود الحوار على مواقع التواصل الاجتماعي عبر إعادة إنتاج الأخبار والمعلومات باستخدام أدوات رقمية حديثة مثل الفيديوهات والكتابة على الصورة دون أن يفقد المعايير الأخلاقية والمهنية
وختم القضاة حديثه بالقول حين يتوقف الصحفي عن مطاردة مواقع التواصل الاجتماعي ويسعى لتقديم محتوى مهني حقيقي، سيصبح صحفيًا محترفًا، وستنال مواده الانتشار الواسع لأنه يقدم ما يهم الناس بصدق ومسؤولية.






