صدى الشعب- كتب د. محمد جرار ال خطاب
تشهد مدينة معان انتشارًا لافتًا لظاهرة المركبات التي تسير دون لوحات أرقام (نمرة)، في مشهدٍ يثير القلق لدى الأهالي، ويعكس خللاً واضحًا في منظومة الرقابة المرورية والأمنية، هذه الظاهرة التي تبدو للبعض بسيطة، تحمل في طياتها مخاطر كبيرة تتعلق بالأمن والسلامة العامة، وتطرح أسئلة مشروعة حول دور إدارة السير والجهات المعنية في التعامل معها.
انتشار السيارات بلا نمرة يعني ببساطة انعدام الهوية القانونية للمركبة، ما يجعل من الصعب تتبعها في حال ارتكابها مخالفات مرورية أو جرائم جنائية، بعض هذه السيارات قد تُستخدم في أعمال مخالفة للقانون، أو في نقل مواد ممنوعة، أو في تنفيذ مخالفات سير كقطع الإشارات أو القيادة المتهورة دون خوف من الملاحقة، وبعضها قد تؤدي الى حوادث مميتة كحالات دهس أو حوادث مرورية.
وجود هذه المركبات على الطرق العامة يمثل فوضى مرورية واضحة، ويشكّل خطرًا على حياة السائقين والمشاة، في وقتٍ تُفرض فيه القوانين الصارمة على المركبات النظامية التي تسير وفق التعليمات.
ما يزيد من حدة المشكلة هو غياب رد الفعل الحازم من إدارة السير والجهات المعنية.
ففي الوقت الذي تُفرض فيه غرامات مشددة على مخالفات بسيطة مثل الوقوف الخاطئ أو عدم ربط حزام الأمان، نجد تساهلًا غريبًا في التعامل مع مركبات بلا لوحات، وكأنها خارج نطاق القانون أو الرقابة.
أليس من حق المواطنين أن يتساءلوا:
كيف تمر هذه المركبات أمام الدوريات دون ضبط أو مساءلة؟
وهل أصبح تطبيق القانون انتقائيًا بحيث يُحاسب الملتزم، ويُغضّ الطرف عن المخالف؟
إن السكوت عن هذه الظاهرة لا يهدد فقط النظام المروري، بل يمس الثقة العامة في العدالة والإنصاف.
عندما يشعر المواطن أن هناك فئة تتجاوز القانون دون رادع، تتآكل قيم الالتزام والانضباط، ويتولد شعور بالغبن واللامبالاة.
كما أن وجود سيارات مجهولة الهوية يفتح الباب أمام سوء الاستخدام، من تهريب أو إخفاء هوية مرتكبي حوادث دهس أو سرقة، وهو ما يعقّد مهام الأجهزة الأمنية لاحقًا.
المطلوب اليوم تدخل حازم وسريع من إدارة السير ومديرية الأمن العام، لتطبيق القانون دون استثناء.
ينبغي تنفيذ حملات لضبط المركبات المخالفة، وحجزها حتى يتم ترخيصها أصوليًا، كما يجب تعزيز الرقابة الميدانية وتفعيل نظام الكاميرات والمراقبة الإلكترونية لتتبع هذه المركبات.
وفي المقابل، من المهم العمل على معالجة الأسباب الجذرية، فقد تكون بعض هذه المركبات مملوكة لمواطنين يعانون من ضيق الحال أو صعوبات في الترخيص، وهو ما يتطلب حلولًا مرنة تجمع بين الردع والتنظيم.
إن سيادة القانون لا تتحقق بالشعارات، بل بتطبيقٍ عادلٍ ومتوازنٍ على الجميع.
وما لم يتم التعامل بجدية مع ظاهرة السيارات دون نمرة في معان، فإننا سنكون أمام تحدٍ أمني واجتماعي قد يتفاقم ويصعب ضبطه لاحقًا.
صمت إدارة السير ليس خيارًا، بل تقصيرٌ يجب أن يُستبدل بسياساتٍ واضحةٍ وإجراءاتٍ ميدانيةٍ تعيد النظام والانضباط إلى شوارع المدينة.
