صدى الشعب – كتب محمد علي الزعبي
في زمنٍ أصبحت فيه المناصب عبئًا أكثر من كونها تكليفًا، نبحث — كما يبحث الوطن — عن الوزراء الذين يمتلكون قرارهم، ولا يخشون قول الحقيقة مهما كانت موجعة، وعن أولئك الذين يتعاملون مع المسؤولية كأمانة لا كوجاهة، نريد وزراء يزنون الكلمة بميزان الوطن، لا بميزان المصلحة، ويدركون أن العدالة في القرار هي مفتاح الثقة بين الدولة والمواطن.
جلست مؤخرًا مع أحد وزراء الدولة، فوجدت نفسي أمام نموذجٍ مختلف في الأداء والفكر والمسؤولية، رجل هادئ في حديثه، عميق في رؤيته، يختصر المسافات بين القول والفعل، يحمل في ملامحه ثقة المسؤول وضمير الموظف العام، ويعمل بروح الفريق لا بتفكير الفرد. حديثه لا يتزين بالشعارات، بل يتحدث بلغة المنجز والواجب، ولعلّ أجمل ما فيه أنه ينصف الجميع دون أن يفقد الحزم في القرار.
في تلك الجلسة، أدركت أن هذا الوزير ليس استثناءً في حكومة دولة جعفر حسان، بل هو انعكاسٌ لنهجٍ بدأ يتجذر في عقل الدولة الحديثة؛ نهج يُعيد الاعتبار للقرار الجريء، ويمنح الوزير مساحة التفكير لا التبرير، والعمل لا التجميل، حكومة لا تبحث عن صدى إعلامي، بل عن أثر وطني حقيقي، ولا تبيع وعودًا بل تقدّم نتائج ملموسة على أرض الواقع.
فإن وجود وزراء من طراز معالي عبد اللطيف النجداوي أصحاب فكر ومسؤولية يعكس تحوّلًا نوعيًا في فلسفة الإدارة الحكومية، حيث لم يعد المقصود من الوزير أن يكون واجهة بروتوكولية أو صوتًا مكررًا للسياسات، بل عقلًا وطنيًا يشارك في صناعة القرار ويترجمه بإنصافٍ وعدالة، هذا النموذج من الوزراء ينسجم تمامًا مع رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، ورسالة دولة جعفر حسان في بناء حكومة تنفيذية لا استعراضية، تُدار بالعقل المؤسسي لا بالعاطفة، وبالمسؤولية لا بالمجاملة، حاولت أن لا أذكر اسم هذا الوزير لكن للانصاف ولكى يدرك دولة الرئيس أن هناك وزراء يجب أن يعلم بفكرهم وقدرتهم على تحقيق متطلبات الإصلاح الإداري.
إنّ العدالة في القرار، والإنصاف في التعامل، والنزاهة في التطبيق، هي القيم التي يجب أن تحكم أداء أي وزير في هذه المرحلة الدقيقة من مسيرة الوطن، فالمطلوب اليوم ليس وزيرًا يُجيد الخطابة أو يُتقن المراوغة السياسية، بل وزير يُجيد الإصغاء ويُتقن الفعل، ويعلم أنّ الشعب بات يقرأ ما بين السطور ويفهم معنى الصدق في الأداء.
ولهذا أقولها بوضوح: شكرًا دولة جعفر حسان على هذا النهج الواعي في اختيار فريقه الوزاري، وشكرًا لكل وزير امتلك شجاعة القرار وإنصاف الضمير، للمسؤول الأردني الجاد والمخلص، فمثل هؤلاء يُعيدون الثقة بمفهوم الدولة، ويُرسخون مبدأ أن الخدمة العامة ليست سلطة، بل مسؤولية أمام الوطن والقيادة والشعب، أقولها لا مجاملةً ولا رياءً ولا مصلحة، ولكن الحق يجب أن يُقال ويُكتب.






