صدى الشعب- أسيـل جمـال الطـراونـة
لم تعد المرأة اليوم مجرد حضور عددي في المشهد الإعلامي، بل أصبحت شريكًا أساسيًا في صياغة الرسالة الإعلامية وصناعة التأثير. وفي هذا السياق، تؤكد خبيرة الإعلام مي عناتي أن المرأة أصبحت جزءاً أساسياً من المشهد الإعلامي، ليس فقط من حيث العدد، بل من حيث التأثير والمضمون .
مشيرةً إلى أن هناك صحفيات أثبتن قدرتهن على قيادة غرف الأخبار، وإدارة الحوارات الكبرى، وتغطية الملفات الحساسة باحترافية عالية.
ورغم هذا التقدّم الملحوظ، ترى عناتي أن الطريق ما زال طويلاً لتعزيز حضور المرأة في مواقع القرار التحريري، خصوصًا في الميادين السياسية والاقتصادية، حتى لا يقتصر وجودها على الجوانب الاجتماعية أو الإنسانية فقط.
وتوضح أن التحدي الآن هو الانتقال من المشاركة إلى صناعة الأجندة الإعلامية نفسها ،في إشارة إلى أهمية أن تكون المرأة فاعلة في تحديد أولويات التغطية لا مجرد منفذة لها.
وفيما يتعلق بما يميز أداء المرأة الإعلامية عن الرجل في تناول القضايا المجتمعية، تقول عناتي إن المرأة تمتلك حسًّا تحليليًا يتيح لها قراءة القضايا من زوايا متعددة، وربط الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية في الوقت نفسه.
وتضيف أن المرأة في الإعلام أثبتت أنها قادرة على إنتاج محتوى مهني متوازن، يجمع بين الدقة والوعي، وتتعامل مع القضايا المجتمعية بمسؤولية وعمق، بعيداً عن الانفعال أو التحيّز”، لافتةً إلى أنها تسعى لتقديم رؤية جديدة وشمولية للمجتمع تتجاوز الخطاب السائد.
أما عن الدور الذي يمكن أن تلعبه المرأة الإعلامية في تصحيح الصورة النمطية عن النساء في الإعلام، فتؤكد عناتي أن المرأة الإعلامية هي الأقدر على ذلك لأنها “جزء من القضية نفسها.
وتوضح أن التغيير يبدأ من طريقة اختيار القصص وزاوية تناولها، إضافة إلى اللغة المستخدمة في الطرح، مشددةً على أهمية تقديم المرأة كفاعل وشريك لا كضحية أو رمز للعاطفة. وتؤمن عناتي بأن الوعي التحريري هو الذي يضمن بناء خطاب إعلامي يُرسّخ المساواة ويعزز التمثيل الحقيقي للمرأة في الفضاء الإعلامي.
وفيما يخص التوازن بين المهنية والحس الإنساني في التغطيات، ترى عناتي أن هذا التوازن لا يعني الفصل بينهما، بل الجمع الواعي بين المعلومة الدقيقة والموقف الإنساني ، فالمهنة تتطلب دقة وموضوعية، لكن الحس الإنساني، بحسبها، هو ما يمنح الخبر روحه ويجعله مؤثراً في المتلقي.
وتضيف المرأة بطبيعتها قادرة على هذا الدمج، فهي تعرف متى تُظهر التعاطف ومتى تحافظ على المسافة المهنية، مع ضرورة أن تبقى المعايير الصحفية هي الأساس وأن يكون الهدف النهائي خدمة الحقيقة والإنسان معاً.
وبذلك، تؤكد مي عناتي أن تمكين المرأة في الإعلام لا يقتصر على زيادة أعدادها في الميدان، بل يمتد إلى تمكينها من صناعة الخطاب الإعلامي ذاته، بما يعكس حضورها الحقيقي كمهنية، وفاعلة، وشريكة في بناء وعي المجتمع.






